في الوقت الذي تدرس فيه منظمة الاوبك رفع انتاجها لضبط الاسعار التي شهدت ارتفاعا بلغ 41.5% دولار للبرميل خلال الايام الماضية وخرجت الاتهامات التي تدين المنظمة، اكد تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية لعام 2003 - 2004 الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ان منظمة الاوبك تعمل منذ انشائها في سبتمبر 1960 على حماية الاسعار وضمان استقرارها عند مستوى عادل ومقبول من طرفي السوق المنتج والمستهلك وقد نجحت في عقد الستينات في تثبيت الاسعار من حيث قيمتها النقدية او الاسمية. وكشف التقرير ان النمو الذي حدث في الاقتصاد الغربي كان بفضل النفط العربي الرخيص وأن ايرادات النفط في السبعينيات نتيجة لارتفاع السعر تآكلت بسبب التضخم الذي نتج عن ارتفاع اسعار الواردات العربية من الغرب بنسبة 8 % سنويا وبعد حرب 1973 استطاعت اوبك رفع الاسعار بطريقة عادلة وتوالت القرارات حتى تملكت الدول المصدرة للنفط المنشآت النفطية.. واشار التقرير إلى ان اسعار النفط الخام كانت في تدهور مستمر منذ عام 1947حتى مطلع السبعينيات حيث كان السعر المعلن 2.18 دولار للبرميل عام 1947 وانخفض إلى 1.80 دولار عام 1960وكان النفط يتم تبادله بصفقات مقايضة مع السلع والخدمات التي تستوردها دول اوبك من الدول الصناعية الغربية حيث ارتفع نصيب الدول المصدرة للنفط 30 سنتا للبرميل عام 1970واوضح التقرير انه عندما قررت اوبك الحرية للجميع في اطلاق الانتاج ادى إلى انخفاض الاسعار من 28 دولارا للبرميل إلى نحو 13 دولارا عام 1986 إلى 7 دولارات في يوليو 1986ورغم ذلك لم تسمح الدول الأوروبية بانتقال الانخفاض الى المستهلك النهائي بل قامت بزيادة الضرائب النفطية من 22.50 دولار للبرميل عام 1985 حتى بلغت 64 دولارا للبرميل 2001 ونتيجة لذلك التذبذب قامت أوبك بتبني آلية لضبط الأسعار منذ مارس 2000 منها تحريك الإنتاج بالزيادة او الخفض للحفاظ على أسعار النفط بين حدين أعلاهما 28 دولارا وأدناهما 22 دولارا للبرميل من سلة أوبك ليرتفع السعر إلى 25 دولارا للبرميل في المتوسط عام 2002 . وكشف التقرير عن وجود عوامل قوة في الاوبك يمكن ان تحقق مصالح الدول المصدرة للنفط تتمثل في ازدياد الانتاج العالمي للنفط إلى 118 مليون برميل يوميا عام 2020 وترتفع الطاقة الإنتاجية للاوبك من 31 مليون برميل يوميا حاليا إلى 57 مليون برميل يوميا عام 2020 ليرتفع نصيبها من الانتاج العالمي من 42% يوميا إلى 48% وان هناك ست دول فقط هي القادرة على زيادة انتاجها هي المملكة والكويت والعراق والامارات وايران وفنزويلا حيث يمكنها رفع انتاجها من 24 مليون برميل يوميا عام 2000 إلى نحو 48 مليون برميل يوميا عام 2020 ، حيث يمكنها الوفاء بنحو 41% من الاحتياجات العالمية عام 2020 ، فاذا أضيف لدول منطقة الخليج عمان والجزائر وليبيا وايران فيمكن لها ان تزود العالم بنحو 45% من احتياجاته النفطية عام 2020 وتسهم ايضا بنحو 70 مليون برميل يوميا بنسبة 63% من صادرات النفط العالمية بالإضافة إلى عجز العرض عن ملاحقة الطلب، حيث اوضحت وكالة الطاقة الدولية ان العالم سيشهد عجزا يصل إلى 19 مليون برميل يوميا عام 2020 وقال كلود ماندل المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية في نوفمبر 2003 بلندن ان تقديرات الاحتياجات الاستثمارية لقطاع النفط على المستوى العالمي بنحو ثلاثة تريليونات دولار منها 72% لانشطة الاستكشاف والانتاج واوضح ان مستوى اسعار النفط المتوقعة 21 دولارا للبرميل حتى عام 2010 يصل إلى 29 دولارا عام 2030 . واظهر التقرير ان صناعة النفط العالمية حققت نجاحا في خفض النفقات الا انها تعرضت لخيبة امل نتيجة لانخفاض معدل ما تحتويه البئر التجارية من النفط من نحو 30 مليون برميل في المتوسط عام 1970 إلى نحو 10 ملايين برميل في الوقت الحاضر وانخفض حجم الحقل المكتشف من 200 مليون برميل في عقد الستينيات إلى 50 مليون برميل في التسعينات وهو ما ادى إلى انخفاض حجم النفط المكتشف سنويا من 70 مليار برميل في الستينيات إلى 20 مليارا خلال التسعينيات. واشار التقرير الى ان البدائل لا تغني عن النفط وان خفض السعر من اجل تطوير البدائل هو وسيلة لتحويل جانب من عوائد الثروة النفطية إلى الدول المستهلكة مشيرا إلى أن المادة 20 من (الجات) تؤكد على احقية الدول المصدرة والمنتجة للنفط في الحصول على نصيبها العادل من الريع النفطي والذي يذهب الجانب الاكبر منه الى خزائن الدول المستهلكة للنفط في صورة ضرائب. واقترح وسيلة لتسعير النفط في الامد الطويل معتمدا على ما حدث عام 1987عندما استقرت الاسعار عند 18 دولارا للبرميل بعد ان انهارت إلى 13 دولارا عام 1986وساد نوع من التوافق بين المنتجين والمستهلكين على سعر 18 دولارا وكان من مقتضى ذلك تدرج السعر ارتفاعا بمعدل 5% سنويا في المتوسط باستخدام معدل واقعي للتضخم 3% ومعدل 2% مقابل النمو السنوي في الطلب على النفط وتم اقراره في اتفاقية طهران وهو ما يعني وصول السعر إلى 34 دولارا عام 2000 وهو ما لم يتحقق.