رأى خبراء في الشأن السوداني ان الاتفاق التاريخي الذي وقع في كينيا لاقتسام الثروة والسلطة بين اللاعبين الرئيسيين في أطول حرب أهلية في القارة الافريقية الحكومة السودانية وحركة التمرد الرئيسية في جنوب البلاد يطرح نموذجا لحل صراع سياسي آخر يدور في منطقة دارفور غرب البلاد. خاصة ان الحكومة السودانية وحركتي التمرد الرئيسيتين في منطقة دارفور قد اتفقوا على السماح بنشر مراقبين دوليين لمراقبة وقف اطلاق النار. ويسمح الاتفاق الذي تم التوقيع عليه يوم الجمعة في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا بنشر لجنة لمراقبة وقف اطلاق النار في دارفور تشمل اعضاء من الاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي ومن الحكومة السودانية وحركتي التمرد الرئيسيتين في المنطقة وهما حركة العدل والتنمية وحركة تحرير السودان. وقال سعيد جينيت مفوض الاتحاد الافريقي للسلام والامن ان المجموعة الاولى التي تضم سبعة مراقبين عسكريين ستصل إلى منطقة دارفور المضطربة الاسبوع القادم. وقال مجلس السلام والامن التابع للاتحاد الافريقي مع بداية انطلاق عمله في اديس ابابا انه سيرسل قريبا بعثة مراقبة مكونة من 60 مسؤولا عسكريا ونحو 30 مدنيا لخمس مناطق مضطربة في دارفور لمراقبة انتهاكات وقف اطلاق النار. وكانت الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان قد اتفقا يوم الاربعاء بشأن اقتسام السلطة وادارة ثلاث مناطق متنازع عليها وهي خطوة نحو انهاء حوالي نصف قرن من الاقتتال في هذا البلد الذي اصبح منتجا للنفط واثار الكثير من الاطماع الخارجية للتدخل في شئونه الداخلية. وقال تشارلز سنايدر مساعد وزير الخارجية الامريكي للصحفيين في واشنطن: أحد الامور الرئيسية التي يقدمها الاتفاق هو أنه يستهل العملية السياسية في السودان. والاتفاقيات التي تم التوصل اليها بعد مئة يوم من المفاوضات تعطي حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم خلال الفترة الانتقالية 70 بالمئة من مقاعد المجالس التنفيذية والتشريعية في الشمال وتعطي الجيش الشعبي لتحرير السودان النسبة نفسها في الجنوب خلال فترة السنوات الست الانتقالية. وفي المناطق المتنازع عليها والحيوية لصناعة النفط السودانية يعطي الاتفاق الحكومة 55 بالمئة من المقاعد والجيش الشعبي 45 بالمئة وهو الامر الذي يرى البعض أنه قد يوفر مخططا لتقاسم السلطة في مناطق الصراع الاخرى ويدخل الفصائل المسلحة الساخطة في عملية السلام. قال نيكولاس هايسوم وهو محام من جنوب افريقيا يقدم المشورة لوسطاء ان اتفاقية اقتسام السلطة في السودان: يمكن ان تقدم نموذجا ناجحا للحكم اللامركزي في تلك المناطق ليس فقط في دارفور وانما أيضا في الشرق. كما ستمنح حركات المعارضة السياسية دورا من خلال آلية اوسع لاقتسام السلطة. وقدم المتفاوضون اشارة للجماعات الاخرى التي لم يشملها الاتفاق بتخصيصهم عشرة بالمئة من المقاعد في الشمال للجيش الشعبي لتحرير السودان والنسبة الباقية لاحزاب سياسية جنوبية أخرى. وسينعكس هذا التوزيع للمقاعد في الجنوب حيث ستحصل الاحزاب السياسية الاخرى غير حزب المؤتمر الوطني الحاكم على 20 بالمئة من المقاعد المخصصة للشمال في الجنوب. وقال سنايدر العائد من كينيا حيث جرت المحادثات: هذا الاتفاق بشأن الشمال والجنوب لكنه يتحدث كذلك عن نسب اقتسام السلطة التي ستفسح مجالا في حكومة الشمال لفصائل أخرى لا تقتصر فقط على حزب المؤتمر الوطني. وتابع قائلا: ومن ثم هناك ما يدعو الى الاعتقاد بأنه يمكن ارضاء أبناء دارفور ضمن آخرين في هذا الاتفاق. ويقول المحللون انه لا يمكن تحقيق السلام الشامل في أكبر دولة افريقية الا بدمج خصوم مثل متمردي دارفور التي تعد مطالبهم بأن تسلمهم الخرطوم قدرا أكبر من السلطة صدى لمطالب الجيش الشعبي. وأثار اتفاق الاربعاء جوا من التفاؤل بانهاء أقدم حرب أهلية في القارة الافريقية بعد شهور من المفاوضات الشاقة. قال هايسوم: أظن انه معقول. فالاتفاقيات التي تم التوصل اليها بشق الانفس يمكن ان تكون اتفاقيات جيدة لانه تم التوصل الى صيغتها من خلال مباحثات تفصيلية وصعبة للغاية. وتابع قائلا عن نص اتفاق اقتسام السلطة الذي جاء في 46 صفحة: جوهره حول حق تقرير المصير وحق الادارة الذاتية. وقال سنايدر: كل شيء يدعونا للتفاؤل. هذا الاتفاق اتفاق جيد اذا نفذ. انه قد يكون توطئة للتغيير في السودان. لكن عمال المعونة في جنوب السودان قالوا ان ردود الافعال على الاتفاقيات كانت صامتة حيث كثير من السكان في رومبك معقل الجيش الشعبي لتحرير السودان غير متأكدين مما قد تحققه الاتفاقيات لهم. قال عامل معونة انسانية في المنطقة: هناك غياب في التفاهم على الخطوة التالية وأهمية توقيع البروتوكولات مقارنة باتفاق السلام الشامل. وأضاف: بالطيع لدى بعض الناس شك واضح في قابلية ما يجري للاستمرار.