قال البيت الأبيض ان الرئيس الأمريكي جورج بوش لن يلين في عزمه على مواصلة الحفاظ على الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لبلاده على الرغم من الارتفاع المتزايد في أسعار الوقود. وقال المتحدث الرسمي باسم المقر الرئاسي سكوت مكليلان في ايجاز صحفي: ان ايجاد الاحتياطي الاستراتيجي "الهدف منه هو استخدامه في حالات الطوارئ الوطنية وفي حالات احتمالات تعرضنا لهجوم او حدوث زعزعة بالغة في الإمدادات النفطية". وردا على سؤال حول ما اذا كان الرئيس بوش يعتزم التوقف عن زيادة الاحتياطي النفطي او ضح جزء منه في الاسواق لكبح جماح اسعار الغازولين المتصاعدة في مضخات توزيع الوقود اكد مكليلان "موقفنا يظل هو نفسه بلا تغيير". وكان المتحدث يشير بذلك الى قرار الرئيس بوش في نوفمبر 2001 بعد شهرين من هجمات سبتمبر على نيويوركوواشنطن والذي اكد فيه ان الاحتياطي النفطي الاستراتيجي يجب ملؤه باطراد حتى وصوله السعة التخزينية القصوى البالغة 700 مليون برميل من النفط. ويبلغ حجم الاحتياطي الحالي الموجود في آبار ضخمة محفورة في ولايتي تكساس ولويزيانا اعلى مستوى له على الاطلاق عند مستوى 9ر659 مليون برميل. وتبلغ اسعار وقود الغازولين (البنزين) في مضخات توزيع الوقود في شتى انحاء الولاياتالمتحدة نحو دولارين للغالون الواحد وهو مستوى مرتفع بدأ معه المصيفون في مراجعة خطط سفرهم بمركباتهم الخاصة تحسبا لارتفاع الكلفة. وكان بعض المستشارين السياسيين للرئيس الامريكي قد اعربوا عن مخاوف من ان يقود ارتفاع اسعار الوقود خلال الصيف الى غضب شعبي واسع النطاق يمكن ان يؤثر على فرص بوش في الانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر المقبل. غير ان مكليلان ابدى بعض الحساسية في رده على سؤال حول ذلك بقوله ان الرئيس مهتم بارتفاع اسعار الوقود مثل جميع الامريكيين وسنواصل عمل ما علينا القيام به وهو البقاء على اتصال وثيق بالمنتجين حول العالم لحثهم على عدم القيام باعمال من شأنها الاضرار باقتصادنا وبمستهلكينا هنا في الولاياتالمتحدة. ومن جانبه شن المتحدي الرئاسي الرئيسي جون كيري السيناتور عن ولاية ماساتشوسيتس هجوما على الرئيس الحالي جورج بوش متهما إياه بالفشل في كبح جماح أسعار البنزين التي سجلت أرقاما قياسية. وتجاوز متوسط سعر جالون البنزين حاجز الدولارين (حوالي 53 سنتا للتر) وهي المرة الاولى في الولاياتالمتحدة التي يكسر فيها سعر البنزين هذا الحاجز. ويعتبر سعر البنزين في الولاياتالمتحدة حاليا بعد حسابه طبقا لمعدلات التضخم أقل من الناحية الفعلية من سعره خلال أزمات سابقة منها حرب الخليج عام 1991 وفترة حظر البترول في السبعينيات بل وحتى في فترة الستينيات وهي حقبة يحب الامريكيون أن يصفونها بأنها العصر الذهبي للبنزين الرخيص. كما لا يزال الامريكيون يدفعون أقل بكثير من نظرائهم الأوروبيين ثمنا للتر البنزين حيث يزيد سعر البنزين في أوروبا على دولار للتر الواحد في الأسواق الكبرى. لكن كيري لم يكن ليفوت هذه الفرصة للاحتجاج على ارتفاع سعر البنزين أثناء جولته الانتخابية في منطقة الساحل الغربي حيث تزيد أسعار البنزين هناك عن متوسط سعرها القومي. وقال كيري في حشد انتخابي "إننا جميعا نعاني بشدة من ارتفاع أسعار البنزين وجورج بوش ليست لديه خطة ولا يتحرك لمعالجة المشكلة ويبدو أنه لا يكترث بها". ودعا كيري بوش إلى التوقف عن ملء مستودعات الاحتياطي الاستراتيجي من البترول وهي شبكة من المستودعات تحت الأرض تبلغ سعتها مليار برميل للاستخدام في حالة الطوارئ. ويوجد بهذه المستودعات حاليا نحو 660 مليون برميل ويتردد أن الحكومة الاتحادية تشتري نحو 100 الف برميل يوميا. بل ان بعض زملاء كيري في الكونغرس من الحزب الديمقراطي الذي يتبنى اتجاهات يسار الوسط ذهبوا إلى مدى أبعد. فقد دعت مجموعة من الديمقراطيين إلى بيع مليون برميل من النفط يوميا في السوق من الاحتياطي الاستراتيجي الذي يكفي الاستهلاك لنحو ستين يوما. وقال السيناتور تشارلز شومر من نيويورك "إن أسعار البنزين تحرق حافظات نقود الاميركيين. وتهدد الانتعاش الاقتصادي بالاخطار بينما تصر الادارة على سكب البنزين على النار. وبدلا من أن تضخ بترولا من الاحتياطي الاستراتيجي تشتري البترول من السوق الامر الذي يزيد الاسعار أكثر فأكثر". وتدفع إدارة بوش بأنه يتعين الاستمرار في ملء مستودعات الاحتياطي الاستراتيجي وألا يتم الاقتراب من هذا الاحتياطي حتى يمكن استخدامه في حالة حدوث تراجع كبير في المعروض. جدير بالذكر أنه سبق بيع بترول الاحتياطي الاستراتيجي إبان حملات رئاسية سابقة. فقبل أسابيع قلائل من الانتخابات الرئاسية عام 2000 عندما كان بوش مرشح الحزب الجمهوري (يمين وسط) ضد آل جور نائب الرئيس آنذاك، أمر بيل كلينتون الرئيس الاميركي وقتها ببيع كميات من البترول من الاحتياطي الاستراتيجي لمواجهة ارتفاع بسيط في أسعار البنزين. وتعرض هذا الاجراء لانتقادات واسعة بوصفه حيلة انتخابية مكشوفة. وخلص معظم الاقتصاديين وقتها إلى أن الزيادات الطفيفة في المعروض من البترول لم يكن لها تأثير كبير وأنها لم تساعد جور على إلحاق الهزيمة ببوش. وأشار ماكليلان إلى أن "التاريخ القريب يثبت أن تأثيرها لا يذكر". ويقول كريس فلافين رئيس مجموعة وورلدووتش انستيتوت المعنية بشئون البيئة ومقرها واشنطن إن مطلب الديمقراطيين بضخ البترول من الاحتياطي الاستراتيجي "يبعث برسالة خاطئة إلى المستهلكين" وإن السوق الحرة التي تدفع بأسعار البترول لأعلى ربما كانت أفضل سبيل لحفز المستهلكين باتجاه الاقتصاد في الوقود والبحث عن مصادر الطاقة البديلة. وتابع "إنني في معظم القضايا الخاصة بسياسات الطاقة لا أجد نفسي إلى جانب الجمهوريين ولكن في هذا القضية أنا معهم بالفعل وعلينا أن نقبل بهذه الاشارة السعرية.. في موسم سياسي مثل هذا يسارع السياسيون لتبني سياسات استغلالية".