تأبى النفوس الطيبة والفطر السليمة ان ترى رأسا يتدحرج. فالصورة قانية ومتضرجة بما يزلزل كيان النفوس وثوابت العقول. لكن يزيد المرء أسى عندما تقطر أسنة الاقلام دما رعافا في موقف، وتذرف دموع التماسيح عندما يكون المصاب جللا والخطب عظيما والحوجة الى أسنة رماح وليس أقلاما.. دعنا عزيزي القارئ نوضح.. في الايام القليلة الفارطة انداحت اسراب من مقالات بعض كبار كتاب بني يعرب والاسلام منددة بقتل الرهينة الامريكي (ذيك بيرغ) لعل كل عاقل يعيش على هذه الكرة المستديرة لا يقر هذا العمل، خصوصا اذا علمنا ان المذبوح دخل الاراضي العراقية وهو لا يحمل معه بندقية امريكية لكي يقتل بها عراقيا! لكن مقتل (بيرغ) جعل من اقلام بعض من كتابنا الافاضل تراق بحبر أحمر على قراطيس سوداء دلالة على الحزن العميق الذي خلفه مقتل (بيرغ).. كما أسلفت آنفا نحن متفقون أن مقتله غير مبرر وهو بعيد كل البعد عما جاء في تعاليم شريعتنا السمحة. لكنها الاقلام نفسها ليتها فعلت وصاحت وولولت حين مزق جسد الشيخ أحمد ياسين على أيدي الصهاينة! ليت الاقلام نفسها سال حبرها بغزارة حين بعثرت اشلاء الرنتيسي! ليت قراطيس مسوداتها ابتلت بالدموع وهي تشاهد مصرع الاطفال الرضع والحوامل والشيوخ.. ماذا كتبت تلك الاقلام وهي تشاهد اليتامى والثكالى والنائحات من فلسطينوالعراق وافغانستان! أم (إن حمزة لا بواكي له!!).. حز رأس (بيرغ) فارتعدت الفرائص واحمرت الاوداج وأصبحت مذابح ابناء القردة والخنازير في فلسطين. ومجازر (بني الاصفر) وتتار هذا العصر على ارض الرافدين في كفة وراس (بيرغ) في كفة فرجحت كفة (بيرغ)!.. أسرة (بيرغ) القت باللائمة على الرئيس بوش واعتبرته المسؤول الاول في قتل ابنها وارجعت ذلك لاحتلال العراق من قبل الجيش الامريكي.. ونفس الشيء كتبته الاقلام التي تكتب في (الديلي جراف) وفي (واشنطن بوست) وغيرها اما اقلامنا فهي عاقة لهذا الرحم الكبير ولا تملك اي مبرر تتحدث به حتى وان طمست ارض العباسيين كلها ليصيح قائلهم.. ها هنا كانت عراق.. الكلام يطول في هذا الجانب فعلى الرغم من المحاولات الحثيثة التي تبذلها الولاياتالمتحدةالامريكية لأمركة العالم. مازالت بعض اقلامنا العربية تحثنا على دمقرطة العقول.. آخر ما قرأت بشرى يزفها لنا قلم (ديمقراطي) ينقل لنا خبرا من صحيفة (ديلي ميرور) تقول : لقد وقعنا في فخ الصور المدبلجة عن قيام الجنود البريطانيين بتعذيب عراقيين!.. (جانب من الدمقطرة!).. لا أزعم أني أول من تحدث عن هذه الاقلام. بل لا أزعم أني انا من قام باكمال الأحجية!!.