اختتم مؤخراً مهرجان الكويت المسرحي الذي نظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بمشاركة ست فرق قدمت عروض المسابقة الرسمية الستة، إضافة لمشاركة عرض زائر (حمران العيون) لفرقة صلالة العمانية الفائز بجائزة أفضل عرض في المهرجان الخليجي للفرق الأهلية الأخير في أبو ظبي، وثلاثة عروض موازية. وشمل المهرجان أيضاً ندوتين فكريتين بعنوان ( دور المعاهد وأكاديميات الفنون في تطوير الحركة المسرحية) و (مسرح الطفل.. الواقع وآفاق المستقبل) وشارك فيهما عدد من المسرحيين ضيوف المهرجان والمتخصصين داخل الكويت، كما قدم ثلاثة رواد مسرحيين شهاداتهم الفنية، هم مريم الصالح وفؤاد الشطي وسعد أردش. وبالنسبة لعباس الحايك السعودي الوحيد المشارك في المهرجان في تجربته الخليجية الثانية بعد أن شارك في الشارقة بنص فصول من عذابات الشيخ أحمد فقد قدمه المخرج خالد المفيدي في نص بعنوان (المعلقون). وقد زج المفيدي بمجموعة من الممثلين الهواة في تجربة قاسية، إذ ظلوا معلقين على حبال طوال مدة العرض، فالحكاية تدور في اللازمان واللامكان حول أخوة يعلقون في هاوية بعد أن لاحقتهم الذئاب وافترست ساق أحدهم، في رحلة أوعز والدهم إليهم بخوض غمارها بحثا ًعن صكوك أملاكه، وليثبتوا رجولتهم، يعلقون بين السماء والأرض يواجهون الخوف والقلق والموت، بحثاً عن أمل في نجاة. ورغم أن الممثلين هواة لا يملكون الخبرة الكافية للعمل في هذا النوع من العروض التي تنتمي لمسرح القسوة، وتحسب لهم هذه التجربة واندفاعهم لخوضها، كما يحسب للمخرج تمكنه من مفردات العرض خاصة على المستوى التقني الصوت والاضاءة التي حصلت على جائزة أفضل تقنية مسرحية. وتحدث الحايك عن مسرحية (المعلقون) قائلاً إنها حالة من الدهشة تصيبني وأنا ارقب كلماتي تتصيّر أجساداً تملؤها الروح، أجساداً ماثلة على خشبة المسرح، أجساداً تنتمي إلي. و(المعلقون) حكاية بشر، يعيشون تيهاً ومعاناة بين نوازعهم الطبيعية في البقاء بعيداً عن تخوم الموت ومواجهة المصاعب. هي حكاية بسيطة في واقعها، لكن أردتها تشخيصاً لحال إنسان هذه الجغرافيا التي تمتد من الخليج إلى المحيط بل أوسع، من أقاصي الصين وحتى اقاصي المغرب العربي.. الإنسان المجبول باللاقرار، المدلى والمعلق على حبال هي صنيعة الحاضر المضني، والآتي المجهول، والماضي الذي صار ذكرى محتها رياح الزمن المتغير. وأضاف الحايك قائلاً: المعلقون كما أردتهم هم نحن، فنحن نعيش زمناً تحاصرنا فيه ذئابُ شرهة تملي علينا ظرف الواقع، لا تهبنا فسحة للمواجهة، والمواجهة تعني الموت، وتحاصرنا هوة لا قرار لها، والهوة تعني الفناء. وأكد الحايك على أن المسرح الكويتي مازال بخير رغم ما يحيطه من كم هائل وفم شرس من المسرح التجاري بهدف ابتلاعه، إلا أن هناك رغبة جادة في التواصل مع المسرح الجاد مهما كانت الظروف قاسية، مشيراً إلى أنه ما دامت أن هناك جهات ثقافية ترعى هذا التوجه فإنه سيستمر. وفيما إذا كان قد تقدم هو بنصه إلى المهرجان قال الحايك إنه لم يفعل ذلك وإنما كانت مبادرة طيبة من المخرج خالد المفيدي الذي قرأ النص على أحد المواقع المسرحية وأعجب به، مؤكداً قوله: لقد أعجب المفيدي بنصي وطلب تنفيذه في المهرجان، وبالطبع لم أرفض ذلك لأني اعتبرت ذلك فرصة لينتشر النص في فضاءات أخرى. وبالنسبة لنتائج المسابقة قال الحايك: لقد خيبت نتائج المسابقة آمال وتقديرات الكثير، إلا إن للجنة التحكيم التي خلت من المحكم المحلي لإضفاء حيادية وصدقية على قراراتها، حسابات تتجاوز الأحكام الانطباعية حيث إن معايير التحكيم جاءت على أسس أكاديمية حسب رئيس لجنة التحكيم الدكتور أحمد عبد الحليم، وما نتائج المهرجان إلا نتاج للبحث العلمي المتخصص فيما قدم طوال مدة المهرجان.وقد أصدرت اللجنة عددا من التوصيات، من بينها إقامة مهرجانين منفصلين للهواة والمحترفين، والتركيز على سلامة النطق بعربية سليمة، وتشكيل لجنة لتقييم العروض قبل المشاركة في المهرجان حتى يكون مساحة للإبداع وللتجارب المسرحية الأفضل.