عشر قصص قصيرة يحلو لكاتبتها هند بنت سعد تسميتها بالقصاصات .. وقد اهدتها الى والديها: ولأنها الاصدارالاول فلن نستطيع الحكم عليها من الوهلة الاولى , غير أنني وجدت في تضاعيف هذه المجموعة تقنيات ابداعية خاصة برعت الكاتبة في طرحها باسلوب قصصي مشوق وجذاب خرج من دائرة السرد والبحث الى معالجة الحدث بشفافية ظاهرة لا تكاد تغيب عن ذهن الناقد البصير في البحث عن مكامن القوة فيه. فهي تكاد تخرج عن اساليب القصص التقليدية الى اساليب مبتكرة وجديدة سواء في اشكال تلك القصاصات الابداعية او مضامينها بما تحمله من ابعاد فنية واضحة تدفع القارئ لاستنباط احاسيس الكاتبة من معايشته لكل حدث. اننا امام كتابة فنية ابداعية تكاد كلماتها تقترب من التصوير المباشر للحدث وتجسيده بشكل آني بما يفتح للكاتبة آفاقا جديدة وواسعة في عالم القصة في تجارب أخرى, فمن يقرأ ما كتبته القاصة لا يملك الا الاعتراف بان المجموعة لها من الابعاد الروحية الاخاذة فلغة الحوار عند الكاتبة ذات مساحات شاسعة من الرموز بما يكاد يشدها في مواقف عديدة الى لغة شاعرة, ومع احتفاء الكاتبة باللعة بشكل ملفت للنظر الا انها ابتعدت تماما عن التصنع اللفظي, او استخدام الكلمات الوحشية أو المعماة , فجاء اسلوبها سهلا وماتعا, يثير في النفس الاعجاب ويثير فيها المزيد من الدهشة , فنحن امام موهبة حقيقية يبدو أنها صقلت بعديد من القراءات فجاءت منسجمة مع تجربة فن جميل , فنحن نعيش في زمن حفل بفنون أدبية عديدة لعل فن القصة القصيرة يجيء على رأسها , فالكاتبة اثبتت جدارتها في هذا الفن من خلال تحريكها المتقن لخيوط الزمن في اضيق المساحات الفنية واصعبها. ولا شك ان هذه (القصاصات المنسية) بها اشارات عديدة تؤكد اننا امام قاصة مبدعة تمتلك ادوات فنها وتوظفها باتقان وحذق فتأخذنا معها الى عالمها الفني البديع المليء بتكوينات مجسمة من لوحات واقعية احيانا , وغارقة في الخيال احيانا, وهي تجمع اضافة الى ذلك ابداعا واضحا في مجمل شخصياتها المتحركة في تلك القصاصات بما يعمق في ذاكرة القارئ مناخات واجواء تلك الاعمال وفقا لبصمات تمكنت الكاتبة من رسمها بدقة متناهية في عناصر اقاصيصها المشبعة بملامح فنية مثيرة وجذابة ولعل ما يلفت النظر في هذه الاقاصيص التي اسمتها الكاتبة بالقصاصات الاهتمام البالغ بالتفاصيل, واكاد اقول بأدق التفاصيل ورسمها بذكاء وفطنة ليس من خلال اختيار شخصيات تلك القصاصات فحسب بل من خلال اختيار المفردات اللغوية المتوافقة مع حركة تلك الشخصيات ومناسبتها لكل الانعكاسات والافرازات المتمخضة عنها. لقد عرضت الكاتبة تفاصيلها بلغة شفافة وشاعرة ومرهفة لم تتوقف عن عرض تلك التفاصيل بكل جزئياتها بل غاصت في ابعاد شخصيات اقاصيصها وصنعت لها من الاحداث ما يناسبها وتظن أن الكاتبة تمكنت من تصوير انفعالات شخوص ابطالها الداخلية بطريقة جذابة تنم عن ملكة ابداعية في الكتابة وافاق واسعة من التخيل وقدرة على استيعاب مختلف تداعيات الاحداث وانعكاستها ولا شك ان تجربة الكاتبة الاولى تؤهلها للخوض في تجارب اخرى ربما تكون أكثر نضجا , وأكثر ابداعا.