تتميز العلاقات العربية- الاميركية ببروز اتجاه التعاون الواسع في مجال النفط، حيث يبرز هذا التعاون حسبما اشار اليه المحلل النفطي وليد خدوري رئيس تحرير مجلة (ميس) المتخصصة في شؤون الطاقة في أوجه مختلفة، منها: سياسة أقطار الأوبك، بدون استثناء، في تزويد الاسواق العالمية بما تحتاجه من امدادات نفطية مع التركيز على اهمية عدم احداث أي نقص أو شح في هذه الإمدادات. حيث يشير خدوري الى ان هذه السياسة تأخذ أبعادا أوسع، وهي المبادرة بتزويد الأسواق بما تحتاجه من نفوط في حال انقطاع الإمدادات من دولة منتجة لأسباب سياسية أو صناعية. وهذا ما حدث بالضبط في عام 2003 عندما انخفضت الصادرات من فنزويلا ونيجيريا، وانقطع تصدير النفط العراقي لفترة طويلة. ولكن لم يحدث هناك أي شح في الاسواق لأن بقية دول الاوبك عوضت المفقود. وقد أخذت هذه السياسة أبعادا جديدة، ولأول مرة، من خلال التفاهم بين المنتجين والمستهلكين الرئيسيين بعدم حاجة الدول الصناعية الى السحب من الاحتياطي الاستراتيجي المتوافر لديها والاعتماد بدلا من ذلك على الطاقة الانتاجية لدول الاوبك، وهذا ما حصل بالفعل في النصف الاول من العام الماضي . وفي هذه الايام، ورغم كل الكلام الاعلامي عن زيادة الاسعار ودور أقطار الاوبك في هذا الامر، يقول خدوري ان المسؤولين الاميركيين وخبراء الطاقة في الولاياتالمتحدة يعرفون جيدا الاسباب الحقيقية وراء ارتفاع الاسعار (مشكلة البنزين والمضاربات وزيادة الطلب المفاجئة)، كما يعرفون أن أقطار الاوبك تنتج هذه الايام ومنذ فترة بكامل طاقتها من أجل تلبية الاسواق، وأن الفائض الانتاجي الموجود عند السعودية والامارات هو لمعالجة الاوضاع الطارئة. وهناك أيضا التعاون الواسع هذه الايام بين الدول المنتجة والدول المستهلكة، والذي كانت تعارضه الولاياتالمتحدة حتى سنوات معدودة. ان الذي يحصل الآن هو عقد اجتماعات عديدة، وبمشاركة واشنطن، والبحث في مختلف الامور ذات الصلة بمواضيع الطاقة. وبالفعل، وعلى سبيل المثال، فقد انعقد في الاسبوع الماضي في باريس الاجتماع الثاني بين منظمة الاوبك ووكالة الطاقة الدولية حول مستقبل الاستثمارات البترولية المستقبلية، وسيعقد في اواخر هذا الشهر في لاهاي اجتماع موسع لوزراء الطاقة من حوالي ستين دولة لمناقشة عوامل العرض والطلب والاستثمارات والمعلومات الطاقوية. وهناك المشاركة الواسعة للشركات الاميركية في صناعة النفط العربية في مجالات الاستكشاف والتنقيب والانتاج (الجزائر ومصر وسورية واليمن والامارات) والتكرير (السعودية) والبتروكيماويات (السعودية والكويت وقطر) والغاز (قطر). وستتوسع هذه المشاركة في المستقبل القريب مع الانفتاح الحاصل في ليبيا، والاحتمالات المتوافرة في العراق في حال توفر استقرار سياسي وأمني. طبعا هناك بعض الخلافات ووجهات النظر المتباينة بين الطرفين، حسبما يرى خدوري، وبالذات التساؤلات المتزايدة في الولاياتالمتحدة مؤخرا، والتي تتردد في معظم الندوات المتخصصة، حول سعة الطاقة الانتاجية السعودية المستقبلية، وفيما اذا استطاعت المملكة تلبية الزيادة على النفط في المدى المتوسط والبعيد. وتثار التساؤلات نفسها حول بقية الاقطار العربية. ومن الصعب الاجابة عن هذا السؤال بمصداقية دون تبني شركات النفط الوطنية سياسة اعلامية شفافة مستمرة وليست انتقائية. لكن رغم هذا التحفظ او ذاك، فان التعاون والتفاهم بين الاوساط النفطية العربية والاميركية هو سيد الموقف هذه الايام. الا أن الوضع يختلف تماما، بل على نقيضه، في مجال السياسة.