لم يبدُ أن الدول الأعضاء في أوبك لديها أي رغبة للدخول في جدال بشأن مستويات الإنتاج أمس، وإنما انصرف اهتمامها إلى دراسة أثر الإمدادات المتزايدة من النفط الصخري الأميركي، والصراع الوشيك على اقتناص حصص في أسواق آسيا. وليس لدى منظمة البلدان المصدرة للبترول إمكانية تذكر لضخ المزيد من النفط بسبب الازدهار الأميركي، الذي أثار منافسة على حصص السوق في آسيا، وأشعل منافسة بين أكبر منتجين للنفط داخل المنظمة. ومن المتوقع خلال الاجتماع الذي سيعقد في فيينا اليوم، أن تبقي المنظمة على المستوى المستهدف للإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا في الأشهر ال6 الأخيرة من عام 2013. وقال مندوب من إحدى الدول الخليجية العضو في أوبك لرويترز: "سيكون اجتماعا مباشرا يقود إلى تمديد "العمل بسقف الإنتاج الراهن". وأضاف "النفط الصخري لا يشكل تهديدا فوريا أو مبعث قلق للسعودية". ويشعر وزراء نفط أوبك كذلك بالارتياح لسعر النفط فوق 100 دولار للبرميل وهو ما يقل كثيرا عن مستوى 125 دولارا الذي دق نواقيس الخطر في كبرى الدول المستهلكة العام الماضي. غير أن وصول سعر النفط إلى 100 دولار وما فوقها شجع على إنتاج كميات ضخمة من النفط الصخري الأميركي في نورث داكوتا وتكساس؛ لينافس خامات أوبك الشبيهة مثل الخامات الخفيفة المنتجة في نيجيريا والجزائر وليس الخامات الأثقل مثل الخام السعودي. ويرى منتجو الخليج أن أوبك ستظل قادرة على ضخ 30 مليون برميل يوميا على الأقل بشرط أن ينمو النفط الصخري الأميركي بمعدل معتدل. وقال مصدر خليجي من أوبك: "النفط الصخري لا يشكل تهديدا، لكنه يغير أسلوب حركة إنتاج النفط وإلى أين يذهب، وستكون هناك منافسة أكبر في آسيا"، وشعرت نيجيريا والجزائر بالفعل بأثر ازدهار النفط الأميركي فخسرتا أرضا في سوقهما الأكثر ازدهارا واضطرتا لتغيير اتجاه الصادرات إلى آسيا. ويسعى العراق الذي تزداد صادراته بسرعة لاقتناص حصة أكبر من السوق الآسيوية، كما تتطلع دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعمل على زيادة طاقتها الإنتاجية إلى آسيا، لكنها هونت من احتمالات الدخول في صراع مع المنتجين الآخرين. وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي لرويترز: "لا أرى أن المنافسة في آسيا يمكن أن تؤدي إلى اضطراب في الأسعار". وبفضل ابتكارات تكنولوجية جديدة، أضحت الولاياتالمتحدة على الطريق لتصبح أكبر منتج للنفط في العالم بحلول عام 2017، ولا يثير ذلك قلق الرياض، خاصة فيما يتعلق بوضع السياسة الإنتاجية للنصف الثاني من 2013. ولا تبدي المملكة التي تملك أكبر طاقة إنتاجية فائضة في أوبك أي بادرة استعداد لضخ المزيد من النفط من أجل خفض الأسعار، بحيث يصبح الإنتاج الجديد في أميركا غير مجد اقتصاديا. ومع نهاية العام الماضي سجلت الولاياتالمتحدة أكبر زيادة سنوية في إنتاجها النفطي منذ بدء ضخ النفط لأول مرة في ستينات القرن قبل الماضي، وجاءت الزيادة البالغة 850 ألف برميل يوميا أكثر من إنتاج كل من قطر والإكوادور أصغر منتجين في أوبك. وتشهد أوبك - التي تجاهلت النفط الصخري العام الماضي باعتباره لا يشكل أي تهديد - انقساما في الآراء هذا العام بشأنه، ففي حين رحب علي النعيمي وزير النفط السعودي به، قال نظيره النيجيري ديزاني اليسون مادوكي، إنه سيكون له "أثر كبير". ويشعر البعض داخل أوبك بالقلق من أن يؤدي تباطوء النمو الاقتصادي العالمي وارتفاع الإنتاج الأميركي من النفط الصخري إلى دفع أسعار النفط للانخفاض. لكن المنظمة التي تضخ ثلث النفط العالمي ليست معروفة بوضع خطط للطوارئ، ويقول مندوبو أوبك حاليا، إن هذا الاجتماع لن يشهد اختيار أمين عام جديد، وهو أمر متعثر بسبب المنافسة بين المرشحين، وسيقتصر على الموافقة على معايير اختيار المرشحين المتقدمين للمنصب. ومع استبعاد احتمال زيادة سقف الإنتاج ستتولى السعودية أكبر منتج داخل المنظمة إدارة السوق في الأجل القصير بدعم من الإمارات والكويت.