التبلد بمعناه البسيط هو فقدان الحماس للعمل, ويأخذ ذلك عدة صور منها العمل المكتبي او المهني او المدرسي او حتى المنزلي وغير ذلك, والركون الى البلادة معناه فتور الهمة وانعدام التشاط, وهي حالة يمكن ان تصيب اي شخص وفي اي مرحلة من مراحل العمر, ويمكن للانسان تداركها قبل ان تصبح تلك الحالة عبئا عليه.. وتعتبر هذه الحالة من الظواهر النفسية التي تصيب الانسان, وتتعدد اسباب الدخول فيها مثلها مثل حالات الاكتئاب اجاركم الله. ومن هذه الاسباب اليأس من حدوث التغيير المطلوب فيصبح الشخص غير قادر بل غير راغب في التغيير مهما اقتنع بان ذلك يصب في مصلحته الشخصية, وقد تنطبق تلك الحالة على مريض السكر الذي يصل الى مرحلة عدم جدوى النصائح له بعدم اكل السكريات, ويظل يأكلها بل ويفرط في الأكل منها غير عابىء بما يمكن ان يحدث له رغم علمه بها, ويحذره اطباؤه وكل من حوله من ان ذلك يضر بصحته وله عواقب وخيمة فلا يأبه, وهذا بالضبط ما اقصده عندما اتحدث عن حالات التبلد.. وما ينطبق على مرضى السكر ينطبق تماما على المدخنين. فالانسان اذا تملك منه اليأس من صلاح حاله نتيجة لعدم قدرته على التغيير ويشعر بعدم فاعلية النصح او التحذير يصبح اسير حالة التبلد, وهذا ما لا يجب ان يبلغه اي احد منا.. فلا ينبغي على الانسان ان يترك نفسه حتى يصل الى درجة متأخرة من حالة انعدام التوافق بين ما يمليه العقل وبين الفعل, وليتوقف عما يفعله مما هو مخالف للعقل والمنطق حتى لا يصبح التحذير بلا معنى على الاطلاق, فالأفضل ان يراجع الانسان نفسه باستمرار وان يحافظ على النفس المؤتمن عليها من الله سبحانه وتعالى, وعليه ان يسعى لايجاد توافق من نوع ما بين رغباته وبين ما يمليه عليه عقله كلما أمكن ذلك, ان استخدام ارادته في التراجع عن الخطأ مبكرا يقيه الكثير من المشاكل مثله مثل اكتشاف الامراض الخطيرة مبكرا وقبل استفحالها. الامر الطبيعي ان الانسان اذا اقتنع بشيء عمل بمقتضاه ولا يقوم بتنفيذ ما هو غير مقتنع به, واحيانا تمضي الأمور عكس ذلك تماما, هكذا هو الانسان, اذا الم به شيء مرغوب فيه, وتعامل معه بدون ابطاء فسوف لا يلحق به مكروه باذن الله وسوف يتغلب على العلة بقوة ارادته, اما ان استمرأ الامر وظن انه يستطيع ان يتخلص منها في الوقت الذي يريده فسوف تستعصي عليه العلة وتستفحل وتتمكن منه وعندها نستطيع القول تجاوزا ان ارادته خذلته او تخلت عنه وتكون عاجزة وفي حالة تجمد تام بعد استفحال الأمر, وهذه مرحلة التبلد التي لا يجدي معها اي نصح او تحذير, فالتبكير في الأمور يدعونا اليه الله سبحانه وتعالى اذ يقول (انما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما) (النساء 17) فأهم شيء هو التكبير او التعجيل والتراجع عن فعل الخطأ وعدم التمادي فيه. فالخطر كل الخطر ان يصل الواحد منا الى مرحلة التبلد لأن لها عواقب وخيمة لا يدركها الا من وقع تحت اسرها, ولن يفلت منها الا من رحمه الله واسعفته ظروفه, او تجاوب مع وقوف الأهل والأصدقاء معه ليساندونه ويحيون فيه الامل, ويطردون عنه اليأس, بشرط ان يكون لديه الاستعداد والرغبة الأكيدة في التغير وان يتنازل عن كبريائه ومغالطة نفسه وبشرط ايضا الا يقاومهم بل يتعاون معهم لما فيه مصلحته وانقاذه من محنته. *كاتب ومستشار مالي وإداري