لا أحد يزايد على أهمية الوقت في الإسلام، كيف وقد أقسم الله تعالى بالعصر، وثنى نبيه صلى الله عليه بالاخبار ان القدم لن تزول يوم القيامة حتى تسأل عن العمر فيما أُفني وعن الشباب فيما أُبلي، لكن المسلمين قد تركوا تلك التعاليم المهمة والأخلاق السامية وبقوا – وللأسف - مسلمين بالهوية والتسمي وحسب، وتجاهلوا أهمية الوقت والحفاظ على هذه الساعات الثمينة من حياة الإنسان، بدل صرفها أمام التبلد أمام شاشات التلفاز والتي لا يفوقها عبثاً إلا ذلك التسمر أمام شاشات الحواسيب والهواتف الذكية، دونما فائدة تحصد أو علم يكتسب أو حتى أدب يتجمل به، حتى أصبحت ساعات الجد والالتزام ثقيلة على الشخص أيما كانت سواء في الحصص الدراسية أو المناسبات الاجتماعية أو على مستوى تحصيل لقمة العيش .. بالأمس سافرت على متن رحلة دولية إلى بلد أوروبي، وتأخرت طائرتي أكثر من أربع ساعات لأسباب تافهة لا معنى لها، ورغم تعليلات قائد الطائرة التي لم أصدقها ولم أستطع أن أقتنع بها، وحتى لو أنا صدقت، فكيف سيستطيعون أن يبرروا للمطار الأوروبي الذي يتعامل مع الطائرات الأخرى بمقياس الثانية والدقيقة، أسباب هذا التأخير، أم ياترى قد تعودت هذه المطارات على هذه التأخيرات العربية المعللة دائما بعلل لا تنتهي .. للوقت عند الغرب قدسية عجيبة واحترام كبير، وفي الغالب ان المتمدنين في الغرب لا يسمحون بالتلاعب في ساعات يومهم أبدا، ولذلك ترى انضباط مواعيد الباصات والقطارات والطائرات، انضباطا تستطيع أن تضبط به ساعة يدك التي تكسرت عقاربها بمواعيد عالمنا البائس !!.. كيف تتوقع أن ينشأ الطفل الغربي الذي يتعلم الانضباط الوقتي بشكل واقعي مع تعلمه للأبجدية سواء بسواء، وفي المقابل كيف تريد من أطفالنا أن يهتموا بالوقت أو يقيموا له حساباً وهم يتململون مع أهاليهم على كراسي صالات المطار بالساعات ينتظرون طائرتهم التي حجزوا على مقاعدها حجزاً مؤكداً، أبدا لا يمكن أن تجمع التناقضات في رأس طفل سوي الفطرة وتكلفه أن يحترم وقتاً لم يحترمه الناس من حوله، ولا يمكن أن تربي طفلاً على الالتزام بالمواعيد وهو يرى والده يتأخر في القيام لصلاته، أو في الذهاب إلى عمله، إنك ان طلبت منه احترام أمر أنت لم تحترمه فأنت تكلفه جمع النقيضين في رأسه الصغير، وأنت لا ترضى هذا على عقلك فكيف تقبله على عقل طفلك، وللحديث بقية، وعلى دروب الخير نلتقي ..