مثلث أبدي تربع على قمة الخطيئة، الزوج أو الزوجة والعشيق ثم شيطان يرسم الجريمة، منذ الأزل تتكرر الحكاية لكن المكان قد يختلف وكذلك الأشخاص أما التفاصيل والملابسات فتفتح دائما باب الحكاية، التي غالبا ما تبدأ بنظرة وتنتهي أمام محكمة الجنايات، وكم احتضن حبل المشنقة أعناقاً احتضنت الحرام. في حي صغير في العاصمة المنامة تحول زواج (سعيد) من وفاء حليم، إلى حديث الأهالي لفترة طويلة، فقد كان بعضهم يعتبر سعيد محظوظا كونه فاز بحسناء تصغره بنحو 20 عاماً طالما شغلت شباب الحي جميعاً والأحياء المجاورة، حتى إنها تحولت بجمالها إلى أسطورة، لا يعيبها أنها "وفاء" ابنة العامل الأجير حليم. رحلة الغربة كان سعيد قد سافر كثيرا لكنه رغم تعدد أسفاره لم يجمع من النقود إلا قليلا، رغم أنه أضاع من عمره نحو 17 عاماً خارج البلاد يبحث عن المال، إذ حالت أميته دون حصوله على أعمال ذات دخل عال، ولأنه لم يكن يعرف القراءة والكتابة فكان دائما يلتحق بأعمال بسيطة. عاد سعيد بعد رحلة الغربة الطويلة ليشترى قطعة أرض لا تتجاوز فداناً تحولت مع الوقت إلى عمل ومقام، إذ كان يخرج إلى أرضه مع الشروق ولا يعود منها إلا مع الغروب لكنه على فقره عندما أراد الزواج لم يرض بأقل من جمالات ابنة حليم الحسناء ذات الدلال. حذر الأصدقاء سعيد من مغبة هذا الزواج بسبب فارق العمر بينه وعروسه التي لم تتجاوز الثامنة عشرة بينما هو قد قارب الأربعين، لكن حسنها كان قد ذهب بعقله، حتى إنه لم يلتفت إلى تحذيرات أحد أقاربه من سلوكها. جمع سعيد شتات نفسه وذهب إلى والدها وطلبها فوضع والدها عدة شروط كان أهمها المنزل المنفصل فلا تقيم مع والدته أو أشقائه فوافق (حالماً) بالليالي الدافئة، وطلب الرجل شبكة من الذهب ضعف ما تناله مثيلاتها من فتيات القرية ووافق أيضا وأمام موافقته الكاملة تم الزواج بعد أن بنى منزلاً صغيرا على أطراف القرية واشترى المطلوب من الذهب ليعيش مع جمالات ليالي أنسته سنين الحرمان الطويلة قبل أن يعود بعد انتهاء "شهر العسل" إلى الحقل والشقاء اليومي يظل قابعاً في عمله حتى المساء كي يعود منهكا . ومع مرور الوقت بدأت الفتاة اليافعة تشعر بالملل ، وقد كان ذلك هو الباب الذي تسلل منه صديق الزوج، ذات يوم ولم يبرح المكان إلا بكارثة. مساحة الحديث كان الصديق يعرف الزوج منذ أيام الغربة لكنه ورغم أنه يصغره بعشر سنوات فإنه راح يتردد عليه لزيارته، وكثيرا ما كان يجد الحسناء بمفردها فيتحدث إليها قبل أن تتسع مساحة الحديث حتى صارت لقاء يتكرر، ليتبدل الكلام إلى ود وتلطف حتى فوجئ الحي على خبر مزعج. لقد اختفى سعيد على نحو غامض، وبحثت عنه القرية في كل مكان لكن دون جدوى فارتدت جمالات السواد وأعلنت الحداد رغم أنها لم تتأكد حينها من وفاته. ولم تمض سوى أسابيع حتى أعلنت أجهزة الشرطة العثور على جثة (فلاح) داخل جوال كانت ملقاة في أحد المصارف بين الحشائش. زاد منسوب المياه في المصرف طفت الجثة بعد أن مزقت القوارض الجوال، ينتشر خبر العثور على الجثة حتى يصل إلى القرية، ليسرع أشقاء سعيد وأقاربه إلى حيث تعرفوا إلى جثته ولم يتهموا أحداً بقتله. كانت أجهزة الشرطة تعرف أن في الأمر شيئا فأجرت تحريات واسعة حول مقتل سعيد حتى توصلت إلى الخيط الرفيع الذي قاد إلى كشف غموض الجريمة،إذ كشفت التحريات عن وجود علاقة بين وفاء وصديق الزوج حمدي. عيون الاعجاب أمام النيابة وبعد القبض عليها روت وفاء القصة من بدايتها قالت إن عيون الإعجاب ظلت تطاردها منذ الصبا، وأن كلمات الإعجاب كانت تسمعها على استحياء من الشباب، لكن المرحوم عندما تزوجها لم يستطع أن يجاري حيويتها وشبابها ، قالت جمالات إنه كان يقضي أغلب يومه في الأرض حتى ظهر حمدي . شريكها في الجريمة حمدي لم ينكر من جانبه شيئا، بل قال إنه كان يحسد سعيد على زوجته الحسناء حتى فوجئ بالود يربط بينهما ثم تطور الأمر سريعا فصار الود علاقة حميمة وتدخل الشيطان، وأضاف حمدي: كنت أهيم بها عشقاً. واعترف العشيق بانه قرر وعشيقته قتل صديقه فاشترى لها حبوباً منومة أذابتها في قدح الشاي المغلي واحتسى الزوج الشاي ونام بينما حضر حمدي بعد الإشارة المتفق عليها مع العشيقة فأغمد سكينا في قلب صديق الغربة الذي فتح عينيه بصعوبة يشكو حاله لربه قبل أن يسلم الروح. اعترف حمدي بأنه ووفاء أخفيا جثة الزوج داخل جوال وحملاه ليلا إلى المصرف وألقيا به وعادا مطمئنين لكنهما بعد أسابيع من التحقيقات أحيلا إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار فقضت بمعاقبتهما بالإعدام شنقا ليشهد سجن كاظمه تنفيذ حكم الإعدام في وفاء وعشيقها.