أتأمل خلف جدار الصمت خارج حدود ذاكرتي الممتلئة بفائض الألم . أتأمل اكثر وجوه المغادرين والقادمين المزدحمة في ثنايا الذاكرة ... أتجهم حينا وحينا أبتسم وأبكي حينا آخر .. يصيبني الذهول لكثرة المحطات التي توقف عندها عمري المحترق كأنه جواز سفر مفقود. ابحث عن عمري الضائع بين تلك الوجوه .. أتجمد لساعات وأتوارى عن ذاكرتي وأهرب ! ترى هل يعود ذاك العمر .. وهل تتحرر الأرواح الكائنة داخل عقلي إلى حيث الواقع فألتقيها وتتحرك كالأحياء.. هل أصبحوا غرباء على ذاكرتي أم أنا الغريبة في مكاني هذا..؟ أغمض عينيى وأنصهر في ذاكرتي فأسمع أصواتهم داخلي وأصوات الشارع المزدحم الذي يعج بالمارة والضجيج وأبواق السيارات وصور الأبنية الشاهقة ... كم أتعجب من حيز تلك الذاكرة كيف تسع زحام كل تلك المدينة ...؟ كنت دائما وما زلت أستشعر طعما مختلفا مغايراً لكل فترة من فترات عمري القصيرة الزمن البعيدة المدى .. أحس بتسارع الوقت لدرجة تفقدني توازني في التفكير فأتجمد أكثر وأغيب .. أنتفض من حالة الغياب وأفتح عيني .. ولكن الأصوات لا تغيب! أمشي وأرواح هنا وهناك علها تتلاشى دون جدوى .. يتزايد الضجيج فيؤرقني ويقتل حنين ذاكرتي العدمة فيصرخ داخلي أن كفى ... أهرول نحو الباب فأخرج حيث الهواء، أتأمل قرص الشمس الذي يتوارى نحو المغيب فأصرخ أن عودي أيتها الشمس .. عودي بالفرح النائي ... عودي بعمري ... بأيامي ... بتفاصيل الفرح الباكي ... بالصدى ... بكل ما هتفن لك به يوما، وحدها الشمس بأشعتها الملتهبة تداري أوجاع صدري الملتهب، وحدها بلفحاتها الحارقة تذيب رين الحزن الدامس في ثنايا القلب ... ولكنها أبت أن تعود فأنا على خلاف أزلي مع الشمس أظلمت الدنيا .. وغابت وأرجفتني برودة الليل وبحالة من الخوف المزمن .. لملمت شالي الأحمر المطرز حول كتفي .. وبقيت أنتظر الشمس .. وأنتظرهم .. @@ فضيلة رضا الجفال @@ من المحرر : كتابة جيدة وأسلوب يكشف عن موهبة وبنائية تقترب من بنائية القصة القصيرة حبذا لو استمرت واكتسبت خبرة أكثر.