إلى والدي العزيز.. إلى الظل الذي آوي إليه في كل لحظة خوف وأمل أو فرح وألم.. اليك أنت يا نبض فؤادي وضياء عيني ..إليك أكتب وإليك أبث شوقي وحنيني .. أرسل إليك كلمات كتبتها بدموعي قبل أن يكتبها قلمي .. وسالت بها مهجتي قبل أن يسيل بها حبري.. كتبتها لأخبرك بأني أحبك وأحترمك.. أحبك ولا أجد مفهوما أفضل من ذلك كي أعبر به عن عاطفتي نحوك؛ أحترمك ومن لغيرك أقدم هذا الاحترام، ولكن أين أنت ياوالدى كي أغمرك بالحب وأظهر لك التقدير وأبدي لك الاحترام، هل أذهب بهذه المشاعر لغير صاحبها، أم أتركها في طيات نفسي تنتظر لحظة التلاقي، تلك اللحظة التي افتقدتها من زمن.. منذ أدركت الدنيا وأنا لا أجدك بجانبي.. (أبوك يحبك.. وأبوك اشترى لك كذا.. وأبوك يعمل من أجلك..) هذا ما كنت اسمعه من والدتي التي دائماً ما تكتم في عينها دمعة تغلبها في النهاية.. كيف أراك وأنت مشغول بين رحلات عمل أو بقاء في مكتب الشركة لساعة متأخرة أو تسابق الزمن لملاحقة موعد اجتماع هام أو غارق في كومة من الأوراق التي تنتظر توقيعك الموقر وسيل من الاتصالات مع موظفيك وعملائك..! يا فدى ناظري .. أعترف لك بأنك نجحت إلى حد كبير في أن توفر لي مستوى معيشة يحسدني زملائي عليه.. وضعت نقوداً في محفظتي تزيد ولا تنقص.. أعترف لك بأنك نجحت فيما تصبو إليه وهو أن تجنبنا مرارة الفقر والحاجة التي عانيتها في صغرك، ولكنك لم تستطع أن تجنبنا الإحساس بالحرمان. حرمتني منك أنت في اللحظات السعيدة والمؤلمة، في أفراحي وأحزانى، في تقدمي وتأخرى، في انطلاقاتى وعثراتي، ابتعادك أفقد اللحظات الجميلة جمالها وأكسب اللحظات الحزينة مرارتها، كم كنت أتمنى أن تعبر عن أمنياتك بشأن مستقبلي وتتابعني وأنا أسعى لتحقيق ما يسعدك، كم كنت أتمنى أن أجدك سنداً عندما أسقط في الطريق، وأجدك شريكاً وأنا أقطع الخطوات، كم كنت أتمنى أن أجدك في الصفوف الأمامية وأنت تصفق لي، أو أجدك أول من ينهرني ويطالبني بالعودة إلى تحقيق النجاح، في كلا اللحظات وجدت الجميع ولم أجدك أنت.. والدي خذ كل الذي تعبت وعملت من أجل أن توفره لي .. خذ سيارتي .. خذ نقودي .. خذ جوالي .. خذ كل شيء وأعطني حنانك .. وامنحني قربك وعطفك .. واغمرني باهتمامك .. وأسعدني بطلتك التي تنعشني وتعطيني معنى للحياة.. عد الآن.. دعني وأخواني نستمتع من جديد، دعنا نولد من جديد، دعنا نشعر بوجودك، دعنا نلقي عليك همومنا ونطرح عليك آمالنا، دعنا نشعر بحياة أسرية حقيقية، ودع أقربائنا وجيراننا يرونك في المنزل، دعهم يرونك في المسجد، دع زملاءنا يرونك في المدرسة والجامعة، دعنا نردد كلمة والدي من جديد..إذا قرأت خطابي هذا ولم تعد...لا أملك أن أكرهك ولا أملك أن أنساك ولا أملك أن أتركك..فقط أملك أن أصرخ متألماً أحبك ..أحترمك..أفتقدك. * استاذ ادارة الأعمال والتسويق المساعد جامعة الملك فيصل