يتنامى الشعور بالجمال لدى الانسان بقدر احساسه بهذا الجمال، وهو احساس ينبع من الذات كما قال ابو ماضي: (كن جميلا تر الوجود جميلا) فالانسان ذو الذوق الرفيع يجد الجمال في مواقع ومواقف قد يمر عليها غيره مرور الكرام دون ان يلفت نظره مابها من جمال, بينما هي مفعمة بمعاني الجمال ونابضة بظواهره الخفية التي تحتاج الى عين بصيرة تكتشف ما وراء المظهر علما بانه حتى مظاهر الجمال البارزة ربما لايكتشفها من ينظر الى الامور بمنظار اسود يفقد الاشياء جوهرها ليبرز جوانبها المعتمة, متجاهلا جوانبها المضيئة المشرقة ولعل اللغة المحكية او المكتوبة هي ابرز وسائل تلمس الجمال وتنمية الذائقة الجمالية لدى الانسان, فهي تعبر عما يعتمل في النفوس من قابلية للاحساس بالجمال, ومن كانت لغته رفيعة المستوى كان احساسه بالجمال بنفس درجة احساسه بجمال اللغة, فهي الوعاء الذي يحتوي مشاعره تجاه المواقف والمواقع, اذ لايمكن التعبير عن الجمال بلغة تفتقد الجمال, وعمق الاحساس كفيل بان يرتفع بمستوى اللغة لتعانق ذلك الجمال في نسقه المتسامي عن التدني والابتذال. ولغة الجمال تتكثف بحكم المران مرتكزة على موهبة قد لا تتوافر لدى كل الناس, هي موهبة الاحساس المرهف التي يتمتع بها اناس ارادوا باصرار الوصول الى مرحلة التميز في الاحساس بالجمال. النفس الجميلة - ان صح التعبير - هي التي ترى الجمال بعيون لا تخطئ في رصد اشكاله المتعددة, وتقابلها نفس اخرى لاترى الا الجوانب المعتمة في كل شيء:==1== وترى الشوك في الورود وتعمى==0== ==0==ان ترى الندى فوقها إكليلا==2== ومادامت مظاهر القبح تحيط بالانسان من كل جانب, فالاجدر به ان يتلمس مظاهر الجمال في كل شيء ليجد ان الجمال موجود حتى في المواقف والمواقع التي يغلفها البؤس او التعاسة ويكفهر وجهها على الدوام لتبدو عابسة او باعثة للعبوس, ومع ذلك فقد يجد فيها اصحاب الشعور المرهف جمالا لايدرك كهنه غيرهم ولكي تدرك هذا المعنى كن كما قال ابو ماضي جميلا تر الوجود جميلا.