عزيزي رئيس التحرير قال المدير في احدى المدارس لثلاثة من المدرسين: بما انكم افضل ثلاثة مدرسين فقد اخترنا لكل منكم ثلاثين طالبا هم احسن طلاب المدرسة ذكاء لتدرسوهم في صفوف خاصة، ولكن لا تخبروا الطلاب ولا تخبروا اهلهم لان هذا يفسد العملية التعليمية. درسوهم بشكل عادي تماما واستخدموا المنهج العادي نفسه ولكننا نتوقع لهم نتائج جيدة وفعلا كانت النتائج رائعة، وقال المدرسون: انهم وجدوا الطلاب يتجاوبون ويفهمون بشكل لم يعتادوا عليه ثم جرى اخبار المدرسين ان الموضوع لم يكن الا تجربة وان الطلاب عاديون جرى اختيار اسمائهم عشوائيا بلا ميزة خاصة.. وفوق ذلك فان المدرسين انفسهم عاديون ايضا جرى اختيار اسمائهم بالقرعة. هذه الواقعة ذكرها المؤلف الامريكي المعروف برايان تريسي.. والشاهد ان هناك قانونا هاما جدا يتحكم في كل شيء في سلوك الاخرين وقوانين الطبيعة والحياة والكون هو قانون السبب والنتيجة واذا وعينا ذلك جيدا امكننا تفسير الكثير من الظواهر الطبيعية والنفسية السيكولوجية، وفي الظاهرة او المثال الذي ذكره المؤلف الامريكي برايان تريسي سابقا نلاحظ: ان ما نتوقع ان يحدث يصبح سببا للاتجاه نحو ما توقعنا، وان التوقعات من قبل المدرسين هي التي صنعت نتيجة الطلاب وتفوقهم، ولو كانت المعلومات في الاصل خاطئة. ان الذين يتوقعون الشيء السيء يتصرفون بما يناسب توقعهم، والذين يتوقعون النجاح توقعا قويا فان هذا يصنع النجاح، مما يجعل الفكرة تتمكن اكثر منهم وتوجه سلوكهم نحو تحقيقها، حتى ان الناس اذا توقعوا الغلاء ولو كان توقعهم خاطئا في الاصل فان توقعهم يصنع الغلاء، وهذا شيء اثبتته الابحاث. فالقادر على اقناع نفسه بانه قادر على اداء مهارة ما حتى لو كانت توقعاته في الاصل وهما فان نتيجتها لا تكون وهما بل حقيقة.. فموقفك من نفسك حقيقة دوما، والناس لا يتوقعون من انفسهم ما يكفي ولذلك لا يحقق اكثر الناس اكثر من خمس امكاناتهم. فالتوقعات او الثقة بالقدرات اساس في النجاح، وثمة علاقة تبادلية بين النجاح والثقة، فكلما حققت نجاحا اكبر شعرت بالثقة بالنفس اكثر، وبالعكس كلما وثقت بذاتك نجحت اكثر فثق بقدراتك فانت تمتلك في داخلك مفاتيح نجاحك في الحياة. وسنذكر بعض الاستراتيجيات التي تساعد في زيادة الثقة بالنفس: @ التحدث عن النفس بايجابية: وهذا لا يعني الانانية والغرور كما يتصور الاخرون، انما هو نوع من الاعتراف بالقدرات والتحدث عن الايجابيات في شخصيتك وحياتك امام نفسك والآخرين، قال تعالى: (وأما بنعمة ربك فحدث). وعندما نفكر اين ومتى يمكننا اظهار انفسنا بشكل جيد ولفت الانظار الينا فهذا يعد واحدا من اشكال الاثبات الشخصي. وان التأكيد على الذات الايجابية يغذي الامل بالنفس ويزيدها نشاطا وبهجة. @ كذلك للرفقاء والاصدقاء اثر في الثقة او هدمها، فمرافقة اناس متفائلين ايجابيين له دوره في بعث روح الانشراح للحياة والاقبال عليها. اما مرافقة اناس دائمي الشكوى والتبرم فانهم يثيرون حالة الاحباط لديك. @ اضافة لعنايتك بحديثك عن نفسك وفي اختيار اصدقائك، ان تعتني بمظهرك الخارجي من اللباس النظيف والزي الجميل. @ والى جانب الحديث الايجابي مع الاخرين الحديث مع النفس! وهذه النقطة ذات اهمية كبيرة فقد اشار الخبراء الى ان ترديد عبارة معينة ربما توجد الوضعية النفسية التي يرغب في تحقيقها، وبالتالي يتصرف مع الامور والمتغيرات بما يحقق مصالحه واهدافه، كأن يقول في نفسه: سأتمكن من التغلب على الصعاب.. اشعر انني سائر في طريق النجاح والتفوق.. ويرددها مرارا.. فبالرغم من الصعاب التي ستواجهه لا شك انه سيحقق النجاح، لانه يوجد بداخله مناخا ايجابيا للذات ومفهوما مرضيا عن النفس وتقديرها.. فكما ترضى عن نفسك يكون نتيجة ادائك وعملك، فحاول ان تردد عبارة: انا راض عن نفسي واقدر نفسي.. وفي مواجهة الصعوبات ردد عبارة يا جبل ما يهزك ريح قل هذه العبارة وغيرها من العبارات الايجابية مرات كثيرة كلما شعرت انك بحاجة للنجاح، حتى تدخل الى عقلك الباطن مما يحسن ادائك ويطور قدراتك. وفي حالة ما اذا شعرت في موقف ما انك في حالة من التردد والخجل اسأل نفسك هذا السؤال: ماذا كنت افعل اذا كنت واثقا بنفسي؟ او كيف سيتصرف الواثق بنفسه في هذا الموقف؟ فمتى تبينت سلوك الواثق، سواء في افكارك وخواطرك وافعالك ستبدأ تشعر بثقتك بنفسك. @ التوليد الذاتي: وهي من اهم الاساليب في اكتساب العادات الجيدة، وهي طريقة اوجدها شخص الماني في عام 1905م واستخدمها الرياضيون الالمان الشرقيون، وهي السر في حصولهم على عدد كبير من الميداليات الذهبية في الدورات الاولمبية. تعني طريقة التوليد الذاتي: ان يسترخي الانسان ويركز ذهنه ويتنفس بانتظام وعمق ويتصور نفسه يقوم بعمل ناجح متفوق يحقق امله وهذا يعني التخلص من التوتر والاسترخاء وزيادة الطاقة بالايحاء الذاتي واستخراج الطاقة الكامنة. وافضل طرق الايحاء الذاتي ان يتصور المرء انه حصل على الصفة التي يريدها لنفسه، ويتصرف على انه قد تمكن منها وحواها فعلا فلا تلبث هذه الصفة ان تصبح جزءا من كيانه وشخصيته، ويعتبر الايحاء الذاتي مصدرا من مصادر الطاقة الفكرية ووسيلة هامة من وسائل تقوية الارادة، وتظهر القدرة على الايحاء الذاتي بشكل واضح لدى حكماء الهنود من مزاولي اليوغا فمثلا لدى ممارسة هذه الرياضة يفكر المرء بنفسه وهو يستنشق الهواء مرددا انا امتص الطاقات المبعثرة في الجو ويحتفظ لثوان بالهواء المستنشق في رئتيه، ثم يردد في سره سأحتفظ بهذه الطاقات في نفسي.. ويطلق تنهيدة الزفير مفكرا بعمق ساطرح الهواء خارجا لكنني اثبت القدرات التي كانت فيه بنفسي، حيث اصبحت ملكي والى ما شابه ذلك فيحصل ممارس اليوغا، على قدرات عجيبة في التحمل والصبر والفكر. @ لا تخش الفشل: اجعل لنفسك نسبة اخطاء، فلا تتوقع الكمال من نفسك او من الاخرين فالبشر يخطئون، يقول انطوني بارنيللو، مؤلف كتاب قوة الارادة، ان كثيرا من الناس يمنعون انفسهم من النجاح الذي يستحقونه لانهم يعتقدون بانهم ليسوا اذكياء او ذوي مظهر جيد او لانهم نحفاء او ليسوا اغنياء بالقدر الكافئ. ويفسر ذلك بقوله: نحن نخشى الفشل، ولكن العلماء يعتقدون اننا نستخدم اقل من 4% مما نعرفه. ان كل الانجازات العظيمة تبدأ اول ما تبدأ في تفكير الانسان، ويبقى الانسان غير قادر لانجاز اي شيء طالما هو يفكر في انه ليس بامكانه القيام به، ولتأسيس الثقة بالنفس والاحساس بالمكانة عليه التخلص من الرعب والقلق والشك في النفس وامكانياته والتخلص من كل مسببات الجبن في النفس والتحجيم مثل ان تقول: انا لا يمكنني التوصل الى ذلك. او لا استطيع فعل هذا واستبدل ذلك بالقول: سأحاول. واخيرا يمكن القول: ان مفاتيح النجاح ليست مفاتيح ملقاة في البحر، بل ان الله سخر للانسان كثيرا من اسباب النجاح. @@ فؤاد احمد البراهيم