مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي تبشر به الولاياتالمتحدة وتخطط لفرضه من خلال مؤتمر دولي ينظر له قادة الرأي والمعنيون باتخاذ القرار في الدول العربية بكثير من الشك والريبة ويعتبرونه تجسيداً للهيمنة الامريكية على ارض الواقع، وانعكاساً لنوايا واشنطن تجاه المنطقة. المشروع تعمل واشنطن على تسويقه من خلال وسائل الاعلام لتهيئة الرأي العام العالمي والعربي بصفة خاصة قبل طرحه في يونية المقبل امام قمة الدول الصناعية التي تعقد في ولاية جوريجا الامريكية. وخلافا لما يعتقد البعض فالمشروع لم يكن مفاجأة تعلنها واشنطن بل انه امتداد طبيعي لسلسلة الاجراءات التي تقوم بها الادارة الامريكية الحالية للسيطرة على دول المنطقة ومقدراتها في اطار الاستراتيجية التي تعكف على تنفيذها بعد احداث سبتمبر. وتستهدف بالدرجة الاولى اخضاع دول الشرق الاوسط لادارة واشنطن في اطار ما تسميه الشرق الاوسط . تدخل تحت دعاوى الديمقرادية وحقوق الانسان المشروع يركز على مجموعة من المحاور والآليات لتحقيق الهدف كالتدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت دعاوى الديمقراطية وحقوق الانسان وادعاءات دعم التنمية الاقتصادية. والتدخل في شؤون الانتخابات وتنظيمها، وتغيير انظمة الحكم وادارة شؤون الدول من منظور امريكي ووفقاً لرؤية امريكية لمنطقة كبرى تعتبرها واشنطن ذات نمط واحد لا فرق بينها. المشروع الامريكي يركز على 3 محاور هي: تشجيع الديمقراطية والحكم الصالح، وتوسيع الفرص الاقتصادية وبناء مجتمع معرفي، وفي هذا السياق يتبني المشروع تعبير مناهج التعليم في الدول العربية ودعم الاعلام المستقل وتحرير التجارة والاستثمار.. الخ. وقد اثار هذا المشروع فضول رجل الشارع العربي والعديد من التساؤلات وطرح الكثير من الاسئلة في الدوائر السياسية واولها: ماذا ستفعل الدول العربية تجاه هذا المشروع؟ وهل ستقبله رغم انه تدخل من الادارة الامريكية في شؤونها الداخلية؟ اهداف امريكا من وراء المشروع ما الاهداف الحقيقية لواشنطن من وراء هذا المشروع؟ لماذا لم تستشار الدول العربية في وضع مثل هذا المشروع اذا كان بالفعل فيه صالح الشعوب العربية كما يقول. بداية لابد من الاشارة الى ان هناك اجماعاً من الخبراء والمسؤولين واصحاب الفكر على رفض هذا المشروع الامبراطوري الاستعماري الذي يسعى الى تحقيق الهيمنة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط. وتركزت الانتقادات الموجهة الى هذا المشروع في انه لم يتعرض للمشكلات الحقيقية في المنطقة وهي الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية. متسائلين كي يتحقق الاستقرار والتنمية في الوقت الذي تحتل فيه اسرائيل الاراضي الفلسطينية وتحرم شعب بالكامل من حقه في الحياة والاستقلال. وتركزت الانتقادات ايضاً في ان المشروع يأتي ببرنامج لا يعبر عن ارادة الشعوب العربية ولا يراعي خصوصية هذه الشعوب، وبالتالي فان التغيير كما يرى الخبراء لابد ان يكون نابعاً من داخل الدول نفسها وليس مفروضاً عليها، حتى تتوافر الضمانات اللازمة لانجاح المشروع. واكد الخبراء والمحللون ضرورة ان يكون هناك مشروع عربي موحد لمواجهة هذا المشروع الاستعماري قبل ان تجد الدول العربية نفسها امام هذا المشروع، وبالتالي فان القمة العربية المقبلة في تونس مطالبة باتخاذ موقف واضح ومحدد تجاه المشروع الامريكي، وتبني ايضاً مشروع خاص للتطوير والتحديث في آليات العمل المشترك. واشنطن تجاهلت الجامعة العربية وفي هذا السياق يؤكد المستشار حسام زكي المتحدث باسم الامين العام للجامعة العربية عدم اجراء أي اتصالات بين الادارة الامريكية والجامعة بشأن مبادرة الرئيس بوش "الشرق الاوسط الكبير" خلافاً لما جرى عليه الحال بالنسبة للاطروحات الاوروبية الاخرى في نفس الموضوع نشر الديمقراطية بالمنطقة، وحرص الاطراف صاحبة هذه الاطروحات على التشاور مع الجامعة والاستماع الى رأي الامين العام للوقوف على وجهة النظر العربية. وقال المستشار زكي: ان موضوع نشر الديمقراطية لا تختلف حوله عقيدتان، فهي هدف شرعي لكافة المجتمعات بما فيها مجتمعنا العربي وانها وليدة بيئتها ومناخها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يفرزها وتنمو فيه لتصبح اسلوباً للحياة والحكم في تشجيع طاقات الابطاع لصالح تقدم المجتمعات، ومن ثم فالديمقراطية ليست هدفاً في حد ذاتها، وبالتالي فان فكرة استيراد الديمقراطية ستكون فاشلة ولن تؤدي للنتائج المرجوة منها في تحقيق ملموس في العملية الديمقراطية وممارستها. واوضح المستشار زكي انه بجانب وجود عدد من دعاة الاصلاح ونشر الديمقراطية داخل امتنا العربية ولديهم نوايا طيبة في تحقيق ذلك فهناك فئة اخرى من الوصوليين الذين يركبون موجة الاحداث والانتهازيين ممن يتشدقون بالدعوة للاصلاح والديمقراطية ليس حباً في مفاهيمها ولا رغبة فيها ولكن لتوظيفها لمصلحة اجنداتهم السياسية بشكل لا يستفيد منه المجتمع بل ربما انعكست سلباً على هذا المجتمع. واشار زكي الى انه مهما كان الامر فان أي مبادرة تطرح تكون ذات صلة بالمنطقة العربية والشرق الاوسط ولا تأخذ في اعتبارها النزاع العربي الاسرائيلي ومأساة الشعب الفلسطيني فلن يكتب لها النجاح لانها قامت على فهم غير سليم للاوضاع وغير مكتمل. التغيير لخدمة مصالح امريكا من جانبه وصف الدكتور مصطفى علوي خبير الشؤون السياسية ان مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي يجري الترويج له حالياً انه محاولة امريكية لفرض ارادتها على المنطقة وتغييرها بما يحقق مصالحها القومية، مؤكداً ان تركيز الحديث على هذا المشروع وتجاهل القضية الرئيسية في المنطقة وهي الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية يثير السخرية من الاهداف المعلنة لهذا المشروع فكيف يتم الحديث عن الاصلاح والديمقراطية والحرية وحقوق الانسان في الوقت الذي تنتهك فيه حقوق المواطن الفلسطيني على ايدي القوات الاسرائيلية التي يصفها المشروع بانها الدولة الحرة الوحيدة في المنطقة!! وبالتالي فان المشروع يحمل مغالطات ويرتدي ثوب الاصلاح في حين انه يحمل العذاب في باطنه لانه يتجاهل ابسط مبادئ الاصلاح وهي ان تكون نابعة من الشعوب نفسها ولا تفرض من الخارج، كما انه يتجاهل طبقة وشعوب المنطقة ويساوي بينها رغم اختلاف ظروف كل دولة. يضاف الى ذلك ان المشروع يفتقد الشراكة في التنفيذ لانه لم يطرح على الدول العربية المعنية الأمر لابداء رأيها فيه، ووضع آليات تنفيذه وبالتالي فهو يتحدث عن برنامج تنفيذي معد دون اخذ رأي الاطراف المعنية، وهو ما يعكس النوايا الامريكية تجاه المنطقة وحرصها على ادارتها من منظور امريكي يحقق مصالح الولاياتالمتحدة دون مراعاة لصالح الشعوب العربية. فاذا كان المشروع الامريكي يتحدث عن الديمقراطية وحقوق الانسان والتنمية فهو لم يأت بجديد فهي مطالب لكل الشعوب العربية وتسعى الى تطبيقها وفق ظروفها ومقتضيات الامور بها، اما الولاياتالمتحدة فهي ترى ان يكون التغيير بايدي امريكية حتى تحقق مصالحها هي فقط. دعوة لمشروع عربي ويشير الدكتور مصطفى علوي الى ان هذا المشروع يأتي كحلقة جديدة في الاستراتيجية الامريكية التي تقوم بتطبيقها في المنطقة وكان غزوها للعراق احد محاورها الرئيسية، وفي هذا السياق يمكن الاشارة الى ما اعلنته الادارة الامريكية من انها تهدف الى ان العراق سيكون النموذج للدول الاخرى في المنطقة، ثم خرجت بهذا المشروع الذي يجسد الصورة التي ترغب الولاياتالمتحدة في ان ترى بها دول المنطقة. ويؤكد ان الدول العربية مطالبة بمواجهة هذا المشروع الخطير من خلال مشروع عربي مشترك يحقق الاهداف والمصالح العربية واعتقد ان القمة العربية المقبلة لابد ان تتعامل مع هذه التحديات بفكر منفتح. على جانب آخر يرى الدكتور محمد عبد السلام خبير الشؤون الاستراتيجية والسياسية ان التفسير الحقيقي للمشروع الامريكي هو مشروع للهيمنة الكاملة على المنطقة فلا يعقل ان تأتي دولة وتضع مشروعاً ينظم حياة شعوب دول اخرى ضاربة عرض الحائط بخصوصيات وطبيعة هذه الدول وثقافتها وهويتها والمدهش حقاً ان يتم استبعاد هذه الدول من المناقشة او المشاركة في وضع مثل هذا المشروع. ان الولاياتالمتحدة تريد لهذا المشروع وضع الدول العربية تحت الوصاية الامريكية فهي تتحدث عن تغيير في نظم الانتخابات والقيام بدور في هذه العملية والتدخل في صيانة التشريعات وتطبيق الاصلاح التشريعي والقانون وتمثيل الناخبين. ويؤكد ان التغيير مطلوب كما ان ترسيخ الديمقراطية والحرية مطلب شعبي عربي الا ان يفرض من الخارج فهذا هو مكمن الخطورة، ومصدر القلق الذي يثاور من يطالع المشروع الامريكي، لان التجارب الامريكية السابقة تؤكد ان أي خطوة تقوم بها الولاياتالمتحدة تسعى من ورائها الى مصلحة خاصة دون النظر الى مصالح الاطراف الاخرى، وبالتالي فان المشروع الامريكي لا يعدو كونه خطوة في استراتيجة الهيمنة الامريكية على المنطقة والتدخل في شؤونها الداخلية، اعتقاداً منها بأن ذلك هذا الاسلوب الافضل في مواجهة الارهاب والتطرف متجاهلة الاسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، ومتجاهلة القضايا الاساسية في المنطقة وهي الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية، وبالتالي فان التغني بالحرية والديمقراطية دون العمل بجدية على حل القضايا الرئيسية في المنطقة وهي الاحتلال الاسرائيلي للاراضي العربية يكون من قبيل العبث. اطلاع الدول العظمى يضمن لواشنطن عدم معارضته ويرى المحلل السياسي نبيل زكي رئيس تحرير صحيفة الاهالي المصرية ان المشروع الامريكي يستلهم معاهدة هلسنكي الشهيرة لعام 1975 التي ساهمت في تفكيك الاتحاد السوفيتي وانهياره وزوال معسكره كله حيث وقعت على تلك المعاهدة 35 دولة واعطت للغرب ورقة الضغط على موسكو كما اعطته وسائل وآليات حماية المجموعات المنشقة المعارضة داخل الكتلة السوفيتية، ومن هذا المنطلق فان الولاياتالمتحدة بطرحها هذا المشروع على قمة الدول الثماني في شهر يونية الماضي تريد الحصول على الدعم الاوروبي لهذا المشروع وتضمن مساندة الاوروبيين في تنفيذه حيث تسعى عبر هذا المشروع عن النزعات الامبراطورية الامريكية والسيطرة المباشرة على شؤون العالم حيث تتجاوز واشنطن مجرد العمل على التأثير على الاحداث والمصائر الى صياغة الكيانات والنظم واعادة رسم الخرائط وبدلاً من ان تضطلع الولاياتالمتحدة بدور القيادة فانها تتولى مسؤولية الحكم المباشر. ويتساءل السيد نبيل زكي قائلاً: ألم يقل لنا الامريكيون ان الديمقراطية في العراق ستكون نموذجاً لبقية الدول العربية فلماذا نراهم يرفضون الانتخابات ويغلقون الصحف ويفرضون الرقابة على وسائل الاعلام ويعتقلون المواطنين ويقتلون الاطفال والشباب والشيوخ، ويقتحمون المنازل هل هذه الديمقراطية؟ وكيف تتفق الديمقراطية مع الاحتلال والتدمير وتجريد الناس من حقوقهم وكرامتهم والتحريض على الفتنة والانقسامات العرقية والطائفية والمذهبية؟. استعمار جديد في رأي نبيل زكي المشروع الامريكي لا يعدو كونه مشروعاً استعمارياً تبغي من ورائه واشنطن زيادة سطوتها وترسيخ هيمنتها على مقدرات الشعوب في المنطقة تحت دعاوى زائفة وذرائع مكشوفة، ومن هنا يجب على العرب مواجهة هذه المخاطر وان هذا المشروع يجب ان يكون في مقدمة الاولويات والقضايا التي يتم التعامل معها في المرحلة المقبلة. وفي هذا السياق يقول صلاح الدين حافظ الامين العام لاتحاد الصحفيين العرب والمحلل السياسي: ان مشروع الشرق الاوسط الكبير ليس هدفه محاربة الارهاب والتطرف وتدمير اسلحة الدمار الشامل فحسب وفق المهفوم الامريكي ولكن الهدف هو النجاح في تحقيق كل ذلك عن طريق تحديث هذه المنطقة الاستراتيجية التي تضم كل العرب والاغلبية العظمة من المسلمين ومن ثم تعليمهم الديمقراطية!! وفرض اصلاحات سيايسة واقتصادية وثقافية كبيرة وعاجلة. ومن هنا فنحن امام هجوم استراتيجي امريكي اوروبي هائل تحت مسمى مبادرة الشرق الاوسط الكبير واجراء اصلاحات ديمقراطية تقضي على تخلفه وتطرفه ويضع شعوب المنطقة تحت الوصاية والحماية للحلف العسكري الاوحد والاضخم في عالم اليوم الذي تقوده ايضاً القوة العظمى الوحيدة والمنفردة. ويضيف صلاح الدين حافظ انه في شهر يونية المقبل سوف يضع قادة الدول الثماني على قمة اعمالهم التفاصيل الكاملة لهذه الهجمة من خلال ادخال كل العرب والمسلمين في ميدان التحرك الاستراتيجي لحلف الناتو، وترسيخ نظرية شن الهجوم الوقائي - الاستباقي على مصادر التهديد كما يتبناها صقور الادارة الامريكية. ويؤكد انه بسبب التخلف والاستبداد يعود العرب الى نقطة الصفر أي الى مرحلة الوقوع في براثن الاستعمار ولكن برايات جديدة وشعارات جديدة واهداف قديمة فلا فرق بين ما كانت تدعيه الامبراطورية البريطانية والفرنسية والبلجيكية والهولندية خلال القرون الماضية وبين ما تدعيه الامبراطوريات الحديثة الآن كلهم جاءوا ليعلمونا الديمقراطية والتقدم والتحديث!! ويتفق في الرأي الاستاذ اسامة سرايا الكاتب الصحفي رئيس تحرير الاهرام العربي ان الشرق الاوسط مقبل على مرحلة خطيرة في ضوء هذا المشروع الذي تروج له الولاياتالمتحدة لكنه يرى ان الشرق الاوسط سيكون مختلفاً عن الحالات السابقة عليه التي تدخلت فيها امريكا بقوة مثل اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية عندما وضعت امريكا نفسها في المجال الحيوي لتغير شامل في البلدان الاوروبية التي تضررت من حرب مريرة عبر مشروع مارشال او بعد اتفاقية هلسنكي التي وقعتها 35 دولة بقيادة امريكية لتسهيل الاصلاحات في الاتحاد السوفيتي السابق وأوروبا الشرقية في عام 1975. فالشرق الاوسط هو الاصعب والاشق وامريكا لا يمكن ان تنجح في السيطرة عليه منفردة بسياسات محورها القوة لفرض الديمقراطية لان المنطقة الجغرافية التي تحتاج الى تعاون دولي واسع والاهم مشاركة شعوب المنطقة التي تدرك ان مخاطر انتصار القوة كبيرة، كما ان مخاطر التوقف والتراجع والفشل هي الاخرى فادحة. الا ان النقطة المهمة التي يجب الاشارة اليها في الحديث عن المشروع الامريكي للشرق الاوسط الكبير ان المنطقة اصبحت تموج بالعنف وبسبب تجاهل الولاياتالمتحدة الى القضية الاهم وهي قضية الاحتلال الاسرائيلي وكان القوة الكبرى امريكا تسلم المنطقة سواء بارادتها ام بغير ارادتها الى المتعصبين والمتطرفين ووسط كل ذلك تتقدم بمبادرات متلاحقة للتغيير الشامل في الشرق الاوسط تحت مسميات متعددة وتشخيصات عديدة من الديمقراطية الى الشراكة الكاملة او الشرق الاوسط الكبير مستخدمة لغات عديدة ووسائل مختلفة من الاقناع الى القمع ومن الحصار الى التهميش وصولاً الى التهديد والعقاب، وتجاهلت الاسباب الحقيقية لحالة العداء لها في المنطقة. تدخل سافر في الشؤون الداخلية وفيما اعتبره تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وصف الدكتور جاد طه استاذ التاريخ وخبير الشؤون السياسية ان المشروع الامريكي الجديد للشرق الاوسط الكبير الذي يجري اعداده تحت اسم الشرق الاوسط الكبير بهدف اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية في دول المنطقة انما يعتبر تجاوزاً لحدود سيادة الدول على اراضيها والمدهش ان تتم صياغة هذا المشروع المشبوه في غيبة كاملة للدول العربية وبعيداً عن دورها في صياغة هذا المشروع. ويؤكد ان المشروع كما هو معلن يعد بمثابة تدخل سافر في الشؤون الداخلية للدول بعد ان تجاوز خصوصية كل دولة وثقافتها وقرر ادارة شؤون انتخاباتها ورسم سياسة تعليمها، ووضع سياسة اصلاحها وتصويب وتثقيف صحفييها وتعليم بناتها، وتدريب قياداتها وتغييرها ايضاً، كل ذلك تم اعدادها في قوالب وفعليات حتى تتعاطها هذه الدول كمن دون اخذ رأيها ومشاركتها في هذه الاصلاحات. ويتساءل الدكتور جاد طه: كيف يثق رجل الشارع في هذه النوايا الامريكية في الوقت الذي تنحاز فيه امريكا الى اسرائيل الدولة المحتلة للاراضي العربية؟ وكيف يثق المواطن العربي في النوايا الامريكية وهي ترفض الانتخابات في العراق التي دخلتها كدولة محتلة بزعم وجود اسلحة دمار شامل ولم تستطع حتى الآن ان تثبت امتلاكها هذه الاسلحة؟. يضاف الى تلك التساؤلات سؤال آخر وهو كيف يثق المواطن العربي في هذا المشروع في الوقت الذي تمارس فيه الولاياتالمتحدة كل انواع القوة ضد الابرياء وتغض الطرف عما تقوم به اسرائيل من تعذيب وقتل للشعب الفلسطيني؟ أليست هذه الافعال ضد حقوق الانسان؟! ويمكن القول: ان المشروع الامريكي للشرق الاوسط الكبير ما هو الا مشروع للوصاية على الدول العربية ومشروع للاستعمار والسيطرة على مقدرات شعوب هذه الدول وبالتالي فان الدول العربية مطالبة بمشروع يواجه هذه التحديات ويحافظ على استقلالية القرار العربي في ظل هذه الهجمة الشرسة.