تكمن أهمية هذا الكتاب كونه يناقش الخطط المستقبلية للهجرة اليهودية الى فلسطين خلال السنوات العشرين القادمة من سنة 2000 الى 2020 وقد تكون الدراسات المستقبلية محفوفة بمخاطر التغييرات المفاجئة وغير المتوقعة التي تقلب النتائج والتوقعات.. لكن يظل هذا الجانب من الدراسات له أهمية لواضعي الخطط والسياسات وهو ما يشير اليه المؤلف في مقدمة الكتاب عندما ينتقد بشدة استبعاد المفاوضين العرب للبعد الديموجرافي في ازمة اسرائيل عند بلورة التسوية السياسية وهو البعد الذي يحدد مصير الكيان الصهيوني.. فبعد احتلال اسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة اصبحت الدولة اليهودية مهددة في الصميم بعد ان بلغ نسبة السكان العرب في الاراضي المحتلة عام 48 والضفة وغزة اكثر من عدد سكان اسرائيل من اليهود (5.3 مليون نسمة) وفقا لتقديرات 2002. ويشير المؤلف للعلاقة بين الرهان الاسرائيلي على جلب مليون مهاجر ليصل عدد اليهود في اسرائيل في غضون عام 2020 الى 7 ملايين يهودي وبين رفض اسرائيل لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربيةوغزة وايضا رفضها ضم الاراضي المحتلة واعطاء الفلسطينيين الحقوق السياسية المتساوية مع اليهود لان كلا من الاتجاهين يعرضان كيان الهوية اليهودية للدولة للخطر امام التفوق السكاني للفلسطينيين 3.5 مليون في الضفة وغزة 1.5 مليون في الخليل والنقب بالاضافة الى خمسة ملايين في الشتات من اللاجئين اي 10 ملايين فلسطيني. ثم ينتقل المؤلف من خلال رصد لكافة المقالات والدراسات الاسرائيلية عن الهجرة حتى 2020 الى دراسة الخطط والاساليب الاسرائيلية لجلب المليون السابع ما بين اكثرها شططا والتي عبر عنها شارون بأن يتم جلب المليون خلال عام واحد فقط هو عام 2002 وما بين اكثرها حذرا واقل تفاؤلا والتي حددت اهدافها في جلب عدد يتراوح بين 50 الى 60 الف مهاجر سنويا وحتى عام 2020. ويشير المؤلف الى ارتباط الهجرة اليهودية بعوامل داخلية تتمثل في قدرة اسرائيل المهاجرين اقتصاديا واخرى دعائية وأمنية مثل انتصار اسرائيل في حرب 1948 ثم حرب 1967 وايضا ارتباط السنوات الذهبية العشرين لهجرة مليون يهودي من اوروبا الشرقية والجمهوريات السوفيتية السابقة خلال السنوات من 1989 الى 1998 والتي ارتبطت بانهيار الاتحاد السوفيتي مع منع الولاياتالمتحدة اليهود السوفييت من التوجه اليها. أما الهجرة المعاكسة فهي تتصاعد من اسرائيل الى الخارج وفقا لاعتبارات اقتصادية وامنية ولذا مع كل ازمة اقتصادية كما يذكر المؤلف في السنوات من 53 الى 1955 تتراجع الهجرة بالداخل وتتزايد الهجرة الى الخارج وايضا عندما تتدهور الاوضاع الأمنية كما حدث مع بدء النشاط الفلسطيني المسلح بعد 1965 وبعد حرب اكتوبر 1973 وايضا الانتفاضة الفلسطينية الاولى والثانية ويبدو تأثير الانتفاضة الثانية هو الاكثر تأثيرا وهو ما لم يتعرض له المؤلف بتفصيلات اكبر حيث اشارت التقارير مؤخرا وبعد صدور هذا الكتاب الى هجرة مليون يهودي الى الولاياتالمتحدةوكندا واستراليا ونيوزيلندا وفرنسا والمملكة المتحدة بسبب عمليات الانتفاضة خاصة العمليات الاستشهادية. أما عن تحليل الخطط الاسرائيلية الطموحة لجلب مليون مهاجر فإن المؤلف يقدم ادلة كامنة من خلال الرصد الاحصائي الى فشل الخطط الاسرائيلية في تحقيق هذا الهدف بسبب قصور المعين الهام وهو اليهود الروس وتناقص اعداد المهاجرين منذ العام 1998 وكذلك نضوب المنتج الثاني وهو يهود الفلاشا حيث لم يتبق سوى 26 الفا منهم مشكوك في يهوديتهم اما التجمعات الكبرى الاخرى فيقدم الكتاب تحليلا احصائيا وتاريخيا عن نسب هجرة هذه التجمعات بما يؤكد رفض الاغلبية التوجه لاسرائيل، وهذه التجمعات هي الولاياتالمتحدةوكندا وهي تجمعات تجذب اليهود اليها من البلدان الاخرى ولولا تقييد الولاياتالمتحدة بقبول المهاجرين السوفييت في تسعينات القرن الماضي لكان الغالبية منهم توجهوا اليها اما دول امريكا اللاتينية واهمها الارجنتين والبرازيل فإن اليهود يفضلون الهجرة الى القارة الامريكية (كنداوالولاياتالمتحدة ونفس الوضع بالنسبة لجنوب افريقيا التي يفضل اليهود فيها الهجرة الى نيوزلندة واستراليا الاقرب لغة وجغرافيا.. ويبقى رهان اسرائيل على وقف الانتفاضة الفلسطينية والتي جاء تحليل اثارها على الهجرة خاصة العمليات الاستشهادية عابرا وقد تكون الاعتبارات الايديولوجية للمؤلف وراء ذلك النقص رغم اشارته العابرة الى اثر بعض العمليات المباشرة على اتجاهات الهجرة ولكن هذه قد تحتاج لدراسة خاصة. المؤلف والناشر: كارم يحيى الطبعة الاولى: نوفمبر 2002