عزيزي رئيس التحرير تختلف المجتمعات من حيث القيم والثقافات والعادات. فكلنا يعلم ان لكل مجتمع ثقافاته وعاداته وتقاليده التي تميزه عن باقي المجتمعات الاخرى. فكل فرد في مجتمعه يحيا مثل الاسماك، حيث ان الاسماك التي تعيش في الماء العذب لا يمكنها العيش في الماء المالح والعكس صحيح، كذلك نبات الظل لا يمكن ان يحيا وينمو في ضوء الشمس.. والعكس صحيح ايضا. فهذه النواميس تنطبق على جميع المخلوقات ومنها بنو البشر، فكل ميسر لما خلق له. ومن هذا المنطلق كيف يخرج بعضنا على تلك النواميس وينقاد وراء التقليد الاعمى لثقافات وعادات المجتمعات الاخرى، فيصطدم بثقافات وعادات وتقاليد لا تتفق مع عاداتنا وتقاليدنا وثقافاتنا. فبعض البرامج التي تعرض على الفضائيات وللاسف الشديد العربية مثل برنامج (ستار اكاديمي) وما على شاكلته.. هل يتناسب مع قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا واخلاقنا؟ وهل هناك من يقنعني بان مثل هذا البرنامج ليس الهدف منه سوى تقليد الآخرين فيما يخص الخلاعة والميوعة وما يخدش حياء الصغار قبل الكبار؟ لماذا ندع ثقافاتنا وهوياتنا نحن العرب تذوب في التقليد والانقياد والانجراف فنصبح بلا هوية اكثر مما نحن عليه الآن.. وللعلم أن هذا ما يريده لنا الآخرون لنصبح لقمة سائغة لهم ونصبح في أعينهم كالغثاء.. فهلا راجعنا أنفسنا في مثل هذه الأمور، ووقفنا وقفة تأمل لنحدد هويتنا الحقيقية التي تميزنا عن غيرنا من شعوب العالم، وبذلك نتجنب التصادم والصراع اللذين يطحنان بلا هوادة فنتقي العواقب التي لا تحمد عقباها والتي تنجم عن رؤية ومحاكاة ابنائنا وبناتنا صغارا وكبارا مثل هذه البرامج الخليعة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. كما يجب علينا اصلاح دواخلنا وتهذيب انفسنا واحياء الحمية في مشاعرنا، حتى لا تصبح دماؤنا ابرد من دماء الخنازير. كما يجب علينا كبح جماح الانفس وزجرها كما قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى). ولقد قال الشاعر: ==1== عليك نفسك هذبها فمن ملكت==0== ==0==قياده النفس عاش الدهر مذموما==2== وعلينا ايضا ان نقي اولادنا وانفسنا واهلنا لهيب جهنم كما قال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس الحجارة). فنحن لنسا ضد التجديد والتطوير وتقليد الآخر والغيرة منه فيما يفيدنا وينفعنا، ولكننا ضد التقليد الاعمى بحجة التطور والتقدم، حيث ان التقدم لا يقاس بمدى الخلاعة والميوعة وشكل الملابس وقصات الشعر والدعوة للرذيلة على الفضائيات، ولكنه يقاس بتقدم المجتمعات تكنولوجيا وحضاريا، كما يقاس بمستوى دخل الفرد و.. و.. الخ. واخيرا اذكركم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فلنتجنب مثل هذا الصراع ومثل هذا التقليد. واذا اردنا النهل من منابع الآخرين فعلينا بما يفيد اوطاننا ومجتمعاتنا واجيالنا وشبابنا وفتياتنا دون تقليد ما يفسد كل ذلك، فنجني بذلك نحن وابناؤنا ثمار الندم في يوم لا ينفع فيه الندم. @@ ناصر ابو السعود محمود