على مدى قرون كان فن التاي تشي أحد أهم مقومات الثقافة الصينية ولكن مؤخرا بدأ هذا الفن يكتسب شعبية عالية في الغرب حيث ينصح الأطباء بتطبيقه كإحدى الطرق الفعالة للوقاية من الضغط الذي يعاني منه الإنسان في المجتمعات الحديثة. ويعني مصطلح تاي تشي في اللغة الصينية "القوة العليا المطلقة". وفي الثقافة الصينية ارتبط مفهوم القوة العليا المطلقة بمفهوم ين يانج الذي يقول إن المرء يمكنه أن يرى ازدواجية ديناميكية في كل الاشياء المحيطة به مثل أن يرى الايجابي والسلبي والنور والظلام. وترجع أصول التاي تشي إلى الفنون القتالية الصينية التقليدية ولكنها كما تمارس اليوم في الغرب أقرب إلى مزيج بين اليوجا والتأمل. ويتألف التاي تشي من مجموعة من الحركات تؤدى ببطء وسلاسة بترتيب معين وهي مستوحاة من حركة الطيور والحيوانات. ولهذا فإن شعار معلمي التاي تشي في الغرب "كن قويا كالدب، سريعا كالظبي، سريع الحركة كالقرد، ورشيقا كطائر الكركي ". ويقول معلم التاي تشي دتلف كلوسو من معهد وشو في دوسلدورف "إن التركيز ليس على العضلات أو القوة بل على الروح والقلب .. على الطاقة الداخلية التي تحرك أجسادنا".. وطبقا للفلسفة الصينية فإن التاي تشي يجعل طاقة الجسد تفيض ويعيد الانسجام بين الجسد والطبيعة من حوله. ويقول كلوسو إن الطب الغربي أثبت الاثار الصحية الايجابية للتاي تشي. ويشرح كلوسو هذه الاثار بالتفصيل فيقول "إن ممارسة التاي تشي تؤدي إلى تنظيم عملية الضخ إلى القلب وذلك عن طريق تغيرات إيقاعية في منقطة المعدة. أما التنفس المنتظم فله تأثير إيجابي على الجهاز العصبي المركزي. ويساعد هذا الفن على شد عضلات الرقبة والارداف". وفي الآونة الاخيرة ازداد عدد شركات التأمين التي أصبحت تعي الاثار الايجابية للتاي تشي حتى أصبحت توصي به عملاءها. وفي ألمانيا تساهم عدد من شركات التأمين في دفع مصاريف دورات تدريب التاي تشي لعملائها. ويساعد التاي تشي على تدريب الجسد على كيفية الاسترخاء. وخلال الدورة التدريبية يتعلم الناس عدم الاستجابة إلى المصاعب التي تواجههم في الحياة بالمقاومة ولكن النظر إليها أولا بوعي وتفهم ثم الاستجابة. يقول كلوسو"إذا ما عشنا حياتنا بعناد وبعقلية صلبة فسوف نفقد القدرة على السباحة مع التيار".