زاد اهتمام البعض في الفترة الأخيرة بتقنيات العلاجات التكميلية للطب الحديث، أو ما يسمى ب"الطب البديل" وهو نوع علاجي يعتمد على الأشياء الطبيعية غير الدوائية، ومن هذه العلاجات رياضة "التاي شي"، التي تتم من خلالها الاستفادة على الكثير من الأصعدة النفسية والجسدية، فضلا عن علاج بعض الأمراض أو الوقاية من أخرى. عن هذه الرياضة يقول المعالج بالطاقة الحيوية الدكتور أكرم إبراهيم رشيد ل"الوطن" إن رياضة "التاي شي" هي إحدى الوسائل العلاجية المستخدمة في الطب التكميلي البديل، والاسم الصحيح لهذه اللعبة "تاي تشي تشوان"، أي الفن الداخلي الأصلي للدفاع عن النفس باللغة الصينية، وهو فن علاجي وجد منذ ألف عام، وقدمته الصين للغرب عام 1920، ولكن تاريخ أصوله غير واضحة بسبب تدمير معظم الوثائق المتعلقة به إبان الثورة الشيوعية، إلا أن هذا الفن تواصل من جيل لآخر. وأضاف أن "رياضة التاي شي لها دور كبير في الوقاية، وعلاج أمراض متعددة مثل أمراض الدورة الدموية، وأمراض الجهاز التنفسي، والجهاز العصبي المركزي كضعف الذاكرة، وانخفاض الإيقاع الحيوي للمخ، والزهايمر، وعدم القدرة على الإدراك، والتركيز، خاصة أمراض الشيخوخة، إلى جانب أنها أثبتت كفاءتها العالية في علاج الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، وضغط الأعصاب، والسكر، وأمراض الأوعية الدموية، والتهاب المفاصل والروماتيزم، وأمراض الجهاز الهضمي، والضعف الجنسي، وبعض مشاكل الأطفال السلوكية والعدوانية، حيث يظهر عليهم التأثر الإيجابي والهدوء بعد ممارسة هذه الرياضة". وأوضح الدكتور رشيد أن هذه الرياضة تعتمد على ممارسة التنفس العميق، والاسترخاء، والصفاء الذهني لتحقيق التوازن الجسماني بحركات ذات طابع خاص، ويتم فيها التنفس العميق أثناء التمرين، الذي يعمل بدوره على زيادة نشاط التيار العصبي في الخلايا، والعمل بأقصى درجة، مما يؤدي إلى زيادة فاعلية وحيوية نشاط خلايا المخ، وبالتالي زيادة الإيقاع الحيوي للمخ بقليل من الجهد، ومن ثم الهدوء كعنصر أساسي يؤدي إلى تهيئة العقل، واسترخاء العضلات وإزالة التوتر، وتأتي بعد ذلك مرحلة الصفاء الذهني التي تكمن أهميتها في التحرر من الأفكار الشاردة والمضطربة لكي يصل الممارس إلى حالة من راحة غشاء المخ السحائي "القشرة المخية"، وبالتالي إرسال الإشارات العصبية المجهدة، وزيادة إيقاع موجات "ألفا" في المخ والتي تمثل الإيقاع الحيوي والأساس في رسم المخ الطبيعي لدى البالغين. وأضاف الدكتور رشيد أن أسلوب الحركات أو ما يسمى بالشكل الفيزيائي له تأثيره البالغ على مسارات الطاقة الحيوية داخل الجسم، وخاصة الشكلين الدائري والهرمي، وقال "لابد أن يكون الوضع الحركي للجسم وأجزاء الجسم كاملة في تناسق كامل، حيث إن الجهاز العظمي العضلي المكون من العظام، والعضلات، والأربطة، والأنسجة الليفية، والأعصاب تكون بنية واحدة، وعندما تتعرض لاختلال عن وضعها الطبيعي من الممكن أن تحدث تغيرات في وظائف أجزاء أخرى من الجسم، وعند وجود وضع بنيوي للجسم غير طبيعي فإنه يؤثر بشكل سلبي على الأجزاء الأخرى، فيستطيع الجسم أن يقاوم المرض أو يصلح من نفسه بأفضل شكل ممكن إذا ما كانت بنيته في وضعها الحركي الطبيعي"، مشيرا إلى أن الوضع الميكانيكي غير الصحيح للجسم يضعف دفاعاته الذاتية، فيحدث المرض. وأكد الدكتور رشيد أن لممارسة رياضة التاي شي عدة شروط لإنجاحها والاستفادة منها وأولها تركيز التفكير، وتهيئة الوصول إلى مرحلة الصفاء الذهني، ثم التنفس الهادئ العميق متساويا مع الحركات، وعدم كتمه، شريطة أن يكون الجسم مسترخيا بشكل طبيعي، ولا يجوز أن تكون أجزاء الجسم متوترة أو مائلة، ويأتي بعد ذلك الاستمرار في الحركات بصورة بطيئة وسلسة على شكل قوس، أو دائرة، أو لولب، وطالب بوضع برامج وقائية وعلاجية تشمل تمرينات التاي شي لكبار السن، ونشر هذه الرياضة، إلى جانب استخدام تمرينات التاي شي ضمن البرامج العلاجية لكبار السن ممن يعانون من قصور في الجهاز الدوري التنفسي والجهاز العصبي، وحالات عدم الاتزان الحركي، مع الانتظام في أداء تمرينات التاي شي، ودراسة إمكانية إدخال تلك الرياضة العلاجية والتدريب عليها ضمن مناهج كليات التربية، لتخريج كوادر متخصصة في رياضة المسنين.