ولا بدّ من الضمانات التي تدعم موقف المحامي وهو يقوم بواجبات مهنته في الدفاع عن حق موكله وهو في هذا هدف للدعاوى الكيدية والدس عليه، وهذا يوضح بجلاء أهمية وجود حصانة نظامية (قانونية) من خلال إجراءات محددة ودقيقة شفيفة، حتى لا يفقد المحامي روح المبادرة والاضطلاع بمهامه دون وجلٍ من كيد قد يصدر ضده من أحد، ومن هنا أيضاً تأتي أهمية تقرير عدم مسئولية المحامي فيما يبديه من آراء من خلال تقديمه النصح والمشورة لموكليه وفيما يدلي به من آراء ثرة، ذلك أن المحامي لم تعد مهمته قصراً على مناحي محددة ترتبط فقط بحق من يمثلهم من أشخاص والدفاع عن مصالحهم الفردية المحدودة بنزاعات بعينها أمام الدوائر القضائية فحسب، ذلك أن المحامي لا بد من أن يبدي رأيه، ويعلن عن أفكار نظامية من شأنها إثراء سياسة النظم وتفعيل قواعدها ومبادئها إثراءً لثقافة الأفراد والمجتمعات إن المحامي حريٌّ به ان يتقدم الآخرين في عطاء ما في كنانته من علم ومعرفة للفائدة العامة، لهذا فإن ضمانات الحصانة النظامية لابد لها أن تتجاوز مخطوطاتها إلى أرض الواقع التي يعيشون فيها عبر أجهزة الاعلام المختلفة، وبهذا يحدث التطوير، ذلك أن النظم التي تصل تفاسيرها وشروحاتها من أهل الاختصاص للأفراد العاديين عبر تلك الأجهزة يكون لها الدور الفاعل في استقرار المجتمعات وتصاهر الأفراد فيها، ما يؤدي إلى حسن سير دولاب الدولة وتوجيه حراك مؤسساتها المختلفة بما يمكن من تثقيفها وتطويرها حتى يحدث التكامل والانسجام التام بين الفرد والمجتمع الذي يعيش فيه من جانب، والدولة ومؤسساتها من جانب آخر. وهذه مهمة لعمرى أسمى غاية تسمو بها الدول ومنظماتها حتى يتم الرقي والارتقاء لمصاف أهل الفكر الحسن الذي به تتحسن الأحوال. ونحن في المملكة العربية السعودية - دولة وأفرادا - معنيون بمثل هذا الفهم لتطوير دولتنا وتثقيف وسائلنا المختلفة، ذلك أننا نمتلك الكثير من المهارات ما يمكننا من التقدم ..... كيف لا .... ونحن أهل الفكر الإسلامي الحنيف الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) فكراً قويماً على صراطٍ مستقيم، ومن حيث أن فوق كل ذي علم عليم.... كان لابد من اطلاق مبادراتنا لتطوير مهنة المحاماة، مهنة الحق الذي يفضي إلى العدل الذي ينشده الجميع .... وكان لا بدّ من تأكيد حرية المحامي عند إبداء رأيه أو تقديم النصح والمشورة للآخرين، وأن يكون له حق الادلاء بدلوه فيما يحدث من أحداث على أرض الواقع، وإن لم يطلب منه أحد أن يدلي برأي. ذلك أن المحامي حريٌ به ان يتقدم الآخرين في عطاء ما في كنانته من علم ومعرفة للفائدة العامة، لهذا فإن ضمانات الحصانة النظامية لابد لها أن تتجاوز مخطوطاتها إلى أرض الواقع، وأن تطبق أمام كافة الأجهزة التشريعية والقضائية والتنفيذية استعمالاً لحقٍ أصيل، وألا يسمح القضاء لأي جهة كانت أن تتخذ أي إجراءات جنائية في مواجهة المحامي إلا عبر إجراءات دقيقة. ما يعني عدم تحريك الدعوى الجنائية في مواجهة المحامي إلا من خلال نظام مرسوم معين يطبق بعناية فائقة. ولما كانت فئة المحامين هي المعنية أيضاً بقيادة الدور الرائد والهام في سبيل التطوير، فكان لا بد من وجود العنصر البشري الكفء والمستقل. وتأتي أهمية الاستقلال في تكوين الكيان الذي يمثل هذه الفئة أمام كافة أجهزة الدولة والمؤسسات الأخرى وفئات المجتمع والأفراد. كيان مستقل بحق وحقيقة في شكل هيئة لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة عن أي سلطة تنفيذية، هيئة لها تمثيلها في كافة أجهزة الدولة ذات الصلة، فإن فقدت مثل هذه الفئة استقلاليتها ضاعت هويتها فتصبح غير قادرة على حماية ذاتها ناهيك عن حماية حق الآخرين وقديما قيل (فاقد الشيء لا يعطيه ..!!). ولا بد من الاطلاع على تجارب العديد من الدول التي سبقت في هذا المنحى، حتى أصبحت المحاماة فيها مضرب المثل في المبادرات التشريعية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، تحقيقاً لمصالح الدولة، وتثبيتاً لكافة أركانها أمام الدول والمنظمات الدولية في الخارج. وهي في الداخل صوناً للحق وعوناً للقضاء الجالس تحقيقاً للغايات النبيلة التي سنامها العدالة .. يتبع. [email protected]