حبست فرنسا أنفاسها وظلت في حالة ترقب وانتظار على مدى أربعة أيام قبل أن يعلن رئيس الوزراء الفرنسي الاسبق آلان جوبيه يوم أمس الاول أنه قرر الاحتفاظ بزعامة حزب الاتحاد من أجل الاغلبية الشعبية رغم إدانته بتهمة الاحتيال الاسبوع الماضي. وكان جوبيه الذي تربطه صلة وثيقة بالرئيس الفرنسي جاك شيراك قد صدر ضده حكم السجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ يوم الجمعة الماضي لمشاركته في برنامج وهمي للوظائف لتمويل سلفه في حزب الاتحاد من أجل الاغلبية الشعبية. واختار جوبيه النشرة الاخبارية الرئيسية لمحطة (تي.إف 1) التلفزيونية الفرنسية لايصال رسالته إلى الشعب الفرنسي. وقال إنه سيحتفظ بجميع مناصبه السياسية لحين البت في الطعن الذي قدمه في الحكم، وإنه لا يستطيع التخلي عن هؤلاء الذين هم بحاجة إليه وقت الشدة. وقال جوبيه " لا يمكن للمرء الرحيل دون أن يوجه كلمة تحذير". وكان جوبيه (58 عاما) يشغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 1995 و1997 خلال ولاية شيراك الاولى في الرئاسة. و هو أيضا نائب في البرلمان ويشغل حاليا منصب رئيس بلدية بوردو وقد فاجأ المراقبين السياسيين الفرنسيين بقراره. وقد اغرورقت أعين أصدقائه بالدموع لدى رؤيته وهو يلقي بيانه عبر شاشات التليفزيون حيث بدا أن رحيله أصبح وشيكا. ونقل عن متحدث وزاري قوله إنه إذا ظل جوبيه زعيما للحزب " فسوف يتعين علينا أن ندفع ثمنا باهظا" ، غير أن شيراك طلب إلى جوبيه التذرع بالصبر وأبلغه بضرورة التمسك بإجراءات الطعن في القضية. وأغرى شيراك جوبيه بخلافته في الرئاسة إذا لم يرشح نفسه لفترة ثالثة في انتخابات عام 2007. و لأكثر من ربع قرن كان الخبير المالي الطموح مؤيدا مواليا للرئيس ومن ثم بات واحدا من أكثر السياسيين خبرة في فرنسا. بل إن شيراك المحافظ قد جعله أحد أهم أركان حكمه. وبعد إدانة جوبيه في الفضيحة المالية عمد شيراك (71 عاما) إلى الظهور في صورة من يقف وراء "نائبه" القادم من جنوب غربي فرنسا،كما يتطلع شيراك إلى الانتخابات الاقليمية التي من المقرر أن تجرى في مارس عندما يبدو من المرجح أن يتعزز موقفه السياسي. ويريد جوبيه هو الاخر أن يدعم موقفه وأن يواصل مساندته ومساعدته لشيراك غير أن المتحدث الوزاري قال إنه يتعين على الحزب انتخاب زعيم جديد في المؤتمر القادم للحزب. وكانت محكمة في نانتير قد أصدرت حكما يوم الجمعة يقضي بإدانة جوبيه مما حدا بمعظم المعلقين السياسيين إلى توقع أن يؤدى ذلك حتما إلى إنهاء طموحه بخوض سباق انتخابات الرئاسة في غضون ثلاث سنوات. يشار الى ان القانون الانتخابي الفرنسي ينص على حرمان جوبيه تلقائيا بعد صدور الحكم من الاحتفاظ بأي منصب رسمي، الا ان جوبيه قال في الشهر الماضي إنه إذا ما أدين ومنع من شغل أية مناصب عامة لفترة من الوقت فسوف يعتزل الحياة السياسية. ومع هذا قال محامي جوبيه فور صدور الحكم بإدانته إنه قدم طعنا في الحكم مما أدى إلى تعليق مؤقت لمنع من شغل المناصب العامة. واتهم ممثلو الادعاء جوبيه و26 شخصا آخرين بالمشاركة بين عامي 1988 و1995 في خطة لاجبار الشركات الخاصة على دفع مرتبات لاعضاء حزب التجمع من أجل الجمهورية في وظائف لا يؤدون فيها أي عمل. كما اتهموهم بدفع أجور من ميزانية بلدية باريس لاعضاء في الحزب مقابل أعمال لم يؤدوها، حيث ذكر الادعاء أن جميع تلك المبالغ كانت توجه إلى خزائن حزب التجمع من أجل الجمهورية. وكان جوبيه في ذلك الوقت يتولى منصب الامين العام للحزب ونائب رئيس بلدية باريس لشؤون المالية بينما كان شيراك رئيسا لبلدية العاصمة. من جانبه نفى جوبيه في أقواله أمام المحكمة العلم بمثل هذه الخطط وقال إن مساعده في ذلك الوقت إيف كابانا لم يطلعه عليها. لكن كابانا قال في شهادته إن "الجميع كانوا يعلمون" بأمر الوظائف الوهمية.