سعدت أيما سعادة بالقرار الذي اتخذته سلطنة عمان مؤخرا، وذلك بالسماح بإنشاء أول بنك إسلامي ومن ثم السماح للبنوك التقليدية باستخدام نظام النافذتين الإسلامية بجانب التقليدية. وأنا بدوري اعتبر هذا الخبر بمثابة فتح جديد من فتوحات التمويل الإسلامي في دولة عربية مسلمة هذه المرة. ومن مميزات هذا الفتح أنه كان للأقربين وهم أولى بالمعروف. ومن خلال التصريحات الصادرة عن البنك المركزي العماني فقد جاءت الخطوة الأولى بالسماح لأول بنك بالتأسيس وفقاً للشريعة مع عدم السماح للبنوك القائمة بالتحول بل الاكتفاء بالسماح لها بفتح فروع إسلامية. إن الفطرة السليمة لدى العمانيين ستحتم على البنوك الإسلامية المحتملة أن ترفع من نسبة حرصها الشرعي وتبتعد عن العقود التي تعتبر مثارا للجدل. وهنا يكون لدينا رأيان: الأول: أن تلك الفروع ستكون فروعا مستقلة بالكامل ومنفصلة وهو الأولى والأفضل وهذا ما لجأت إليه ماليزيا وقطر، أما الثاني: أن تكون الفروع عبارة عن نوافذ إسلامية تابعة بالكامل للبنوك التقليدية الأم. وهذا غير محبذ إذا أثبت هذا النموذج أن فيه الكثير من الإشكاليات الفنية والشرعية كما أنه يصعب من مهمة السلطات الرقابية. ومن الواضح أن السلطنة تهدف إلى الحد من نزوح الأموال منها إلى المؤسسات المالية الإسلامية في الخارج بسبب تنامي الطلب على المنتجات والخدمات المالية الإسلامية. وهي خطوة إيجابية إذا ما كانت البنوك المحلية الإسلامية قادرة على المنافسة مع نظيراتها الأكثر خبرة. إن السماح بترخيص أول بنك إسلامي سيقود بالتأكيد إلى السماح بتراخيص من أنواع أخرى لمؤسسات مالية إسلامية كشركات التأمين التكافلي وشركات الاستثمار والتمويل الإسلامي، هذا بالإضافة إلى تراخيص الشركات التي تقدم الخدمات المساندة للتمويل الإسلامي مثل شركات الاستشارات الشرعية والتدقيق الشرعي والتدريب المختص... إلخ. وفي اعتقادي أن من أهم الأمور التي يجب قراءتها في هذا القرار هي التنافسية الشرسة التي ستواجهها البنوك التقليدية.. لاسيما وأن البنوك العمانية تعد ذات أداء مالي متدن مقارنة مع نظيراتها الخليجية.. وذلك لأن الكثير من الشعب العماني متدين بالفطرة. وقد علمت أن هناك جمعيات عائلية يتم فيها تجميع الأموال ومنحها على هيئة قروض حسنة للمعسرين وذوي الحاجات وذلك رغبة منهم بعدم التعامل مع البنوك التقليدية. ومما لا شك فيه أن مثل هذه الفطرة ستصعب من عمل البنوك التقليدية في ظل وجود بنوك إسلامية. والأهم من ذلك، أن الفطرة السليمة لدى العمانيين ستحتم على البنوك الإسلامية المحتملة أن ترفع من نسبة حرصها الشرعي وتبتعد عن العقود التي تعتبر مثارا للجدل كالتورق والوكالة بالاستثمار مع حق التعاقد مع النفس.. وهذا السيناريو لا بد أن تواجهه البنوك الإسلامية في عمان بعد فترة من الزمن يتشكل فيها الوعي المجتمعي في عمان بحيث تصبح فيه محل انتقاد إذا ما أصرت على ممارسة وتطبيق مثل تلك العقود.