تتوقع الشركات السويسرية تحقيق أرباح جيّدة في هذا العام بعد سنوات من الركود والكساد، أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة وتراجع النمو الاقتصادي.وتُفيد نتائج استطلاع الرأي السنوي لمصرف يو بي اس، أن المؤسسات العاملة في مجالات صناعة الدواء والاتصالات والخدمات المالية تنظر بعين التفاؤل إلى احتمالات العام الجديد. واستطلع البنك آراء 4800 شركة تعمل في 27 قطاعا رئيسيا و95 آخر فرعيا، للتعرف على توقعاتها للسنة المالية الحالية، بعد أن اعترفت الغالبية العظمى منها بأنها أشرفت على الانهيار التام في غضون العام المنقضي.وتشير نتائج الدراسة التي نشرها البنك في 16 يناير الجاري إلى أن هذه النتيجة السلبية لم تشمل جميع القطاعات بنفس القدر، حيث لم يتمكن سوى 11 قطاعا صناعيا وتجاريا من الحفاظ على مستواه السابق، على الرغم من تراجع الأرباح، بينما اقترب 15 قطاعا آخر من الحد الأدنى الذي ساعده على البقاء على قيد الحياة، ليؤدّي آداء الجميع في النهاية إلى تراجع النمو الاقتصادي في سويسرا. وتتوقع الدراسة التي يحرص البنك على إجرائها كل عام، أن يشهد عشرون قطاعا صناعيا انتعاشا ملحوظا هذه السنة، لا سيما في الشركات العاملة في مجال الاتصالات والصناعات الصيدلانية والادوية والإليكترونيات الدقيقة. ومع أن قطاع الخدمات المالية الذي يشمل الاستشارات في الأسواق المالية وإدارة الثروات والمعاملات المصرفية، ينظر بإيجابية إلى هذا التفاؤل، إلا أن الخبراء لم يتخّلوا عن الحذر من المفاجآت الممكنة. ويعتقد خبراء بنك "يو بي اس" أن يرتفع ناتج الدخل القومي حتى 2004 بنسبة 1.90%، وأن تنخفض نسبة البطالة إلى 3.8% كمتوسط إجمالي لجميع القطاعات الصناعية والخدمات أيضا، مع استثناء مجال التشييد والبناء الذي لن يطرأ عليه أي تقدم هذا العام، وفقا للدراسة. ذلك أن القطاعات المرتبطة بالتشييد والبناء تتأثّر مباشرة بالقوانين التي تقيد التوسع المعماري. أما الاتجار في العقارات، فيظل مرتبطا بنسب الفوائد المصرفية وحركة العرض والطلب في السوق، وهي مؤشرات تعكس الحالة الاقتصادية العامة. لذلك، لا يتوقّع حدوث تطورات ايجابية في هذا المجال، إلا في أعقاب تحسن كبير في الحالة العامة. وتقول كارين شيفر، الخبيرة الاقتصادية لدى بنك يو بي اس أنه، على الرغم من أن الدراسة تستند إلى أكبر استطلاع للرأي، إلا أن مؤشراتها الايجابية قد لا تطابق الواقع دائما. فقد أعربت الشركات في مطلع عام 2003 الماضي عن آمالها في تحسن الأداء الاقتصادي، إلا أن النتيجة النهائية جاءت على العكس تماما.في الوقت نفسه، يؤكد كلاديو سفريدو من معهد Cr?a التابع لجامعة لوزان، بأن دراسة بنك يو بي اس على درجة عالية من الاهمية، لانها تشمل عددا هائلا من الشركات، وتغطي 27 مجالا اقتصاديا رئيسيا و95 مجالا فرعيا، مما يعطيها مصداقية عالية. وعلى الرغم من نبرة التفاؤل التي تنبعث من الدراسة، إلا أن الخلاصات التي جاءت فيها لا تتوقع حدوث تغيير في الاسعار لصالح المستهلكين، بل تشير الدلائل إلى أن شركات التأمين الصحي مثلا قد ترفع من الرسوم المفروضة على المشتركين. من جهة أخرى، تُفيد نتائج الدراسة أنه من المنتظر أن ترتفع الرغبة الشرائية مجددا لدى السويسريين. ويُمكن ترجمة هذه المعطيات بأنه إذا ما حدث نمو اقتصادي أو تحسن في الآداء العام، فلن يكون في شكل طفرة تنقل الشركات من حالة الركود والكساد إلى الانتعاش التام، بل إن أقصى ما يُمكن أن يحدُث، وفقا لآمال المؤسسات، انطلاق حركة، ولو بطيئة، تشعر من خلالها أنها لا تزال على قيد الحياة، وأنها قادرة على البقاء لفترة أطول. ومن ابرز المجالات التي عانت خلال السنة الماضية، طبقا لما جاء في الدراسة، صناعة الساعات والسياحة، ويُعزى ذلك إلى عدم استقرار الأسواق، وتردّي الأوضاع الاقتصادية في أغلب دول العالم، مما انعكس تراجعا في الرغبة في السفر والترحال والاستهلاك عموما.في المقابل، لم تتأثّر المؤسسات العاملة في المجال المالي بهذا الوضع بشكل كبير.