ارتفع مؤشر معهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ في آب (أغسطس) الحالي للشهر الرابع على التوالي، بدرجة أعلى مما توقعه خبراء، فمؤشر أجواء أعمال الشركات الألمانية زاد من 106.2 نقطة الشهر الماضي إلى 107.5 نقطة، وهو أعلى مستوى يحققه المؤشر خلال السنة، علماً بأنه سجل 107.4 نقطة في شباط (فبراير) الماضي قبل أن ينخفض خلال الأشهر الثلاثة اللاحقة. وكان مراقبون ينتظرون أن يرتفع المؤشر إلى 107 نقاط فقط، ولكن الرقم الرسمي يعني أن أوضاع الشركات السبعة آلاف المستفتاة شهرياً أفضل ما كان منتظراً. وعقّب كبير خبراء «إيفو» كاي كارستنزن على النتيجة بالتأكيد على أن التحسن لا يقتصر على أجواء الشركات، بل يشمل أيضاً توقعاتها للأشهر الستة المقبلة. وعبّر عن ذلك بالقول «إن الاقتصاد الألماني رفع سرعته عقدة أعلى». وعلّق خبير النمو في المعهد كلاوس فولرابه على ارتفاع مؤشر التوقعات من 102.4 إلى 103.3 نقطة، فذكر أن الشركات الألمانية «تجد نفسها في مرحلة انتعاش حالياً». واعتبر الخبير المالي في «بوست بنك» هاينريش باير، أن الارتفاع المسجل «لم يكن قفزة كبيرة، لكنه أفضل مما كنا ننتظر»، مضيفاً أن الانتعاش في ألمانيا «سيستمر هذه السنة ولو بدينامية عادية». أما يورغ تسوينر، كبير الخبراء في «كاي إف في»، فقال إن النمو الذي تحقق في البلاد وفي منطقة اليورو في الربع الثاني «كان مقنعاً، ويمكن القول إن مرحلة الركود في أوروبا انتهت». لكن الخبير في «فاو بي بنك» توماس غيتزل حذّر من التداعيات التي يمكن أن تأتي من ضربة عسكرية غربية لسورية، لافتاً إلى إن مؤشر «إيفو» لم يتأثر بها بعد. وأضاف: «لكن في حال حصول ضربة عسكرية ضد النظام يمكن أن يزداد القلق لدى الشركات الألمانية». مؤشر الصناعة وحقق مؤشر الصناعة ارتفاعاً هو الأعلى له منذ نيسان (أبريل) 2012 فسجل تحسناً واضحاً في أوضاعه الحالية كما في توقعاته للأشهر الستة المقبلة. وفيما أظهر المؤشر أن الشركات تنتظر دفعاً قوياً لصادراتها، سجّل مؤشر تجارة التجزئة تراجعاً بصورة طفيفة. وكان الاقتصاد الألماني حقق في الربع الثاني من العام نمواً غير متوقع من كثيرين بلغ 0.7 في المئة. ولفت مكتب الإحصاء المركزي في فيسبادن إلى أن البلاد «لم تشهد نمواً مماثلاً في إحصاءاتها منذ أكثر من سنة». ومعروف أن النمو في الربع الأول من السنة لامس حدّ الركود. وجاءت المفاجأة الثانية في تحقيق الاقتصاد الفرنسي نمواً غير متوقع البتة بلغ 0.5 في المئة بعدما دخل قبل فترة في مرحلة ركود. وتكمن الأهمية في أن الاقتصادين الأكبرين في أوروبا كانا ولا يزالان يعتبران محرك النمو والانتعاش في منطقة اليورو وفي القارة. وذكرت مصادر اقتصادية مطلعة أن عوامل الاستهلاك الشخصي المتزايد في ألمانيا بفعل ارتفاع الأجور وازدياد فرص العمل، ساهمت في عودة الاقتصاد الألماني إلى نموه الطبيعي، كما أن الصناعة تجاوزت مرحلة ضعف الطلب عليها، واستمر سوق العمل في وضع جيد مع تزايد طفيف في فرص العمل وتراجع في البطالة. وساهمت الاستثمارات الحكومية والخاصة، الداخلية منها والخارجية، في تحقيق هذا القدر من النمو. وكان الربع الأول شهد فصل شتاء قارس وطويل غير اعتيادي أوقف معظم الأعمال التي كانت تجري في العراء، وكذلك الاستثمارات المرتبطة بها، خاصة في مجال البناء. ورأى خبراء ومسؤولون أن النمو القوي الذي سجله الاقتصاد الألماني الأكبر في أوروبا في الربع الثاني ساهم في إخراج منطقة اليورو من مرحلة الكساد، إضافة إلى أنه مؤشر إلى وصول مرحلة الركود الأطول في تاريخ القارة إلى خواتيمها. وفيما حقق اقتصاد البرتغال المتعثر نمواً من 1.1 في المئة، هو الأعلى في منطقة اليورو، سجلت الدول المتعثرة الأخرى إما نمواً إيجابياً طفيفاً، أو وصلت إلى حافة النمو مثل إسبانيا وإيطاليا اللتين تفصلهما الآن نسبة 0.1 و 0.2 في المئة على التوالي عن حدّ النمو. لكن على رغم النمو التفاؤلي الحاصل، تتوقع الحكومة الألمانية والبنك المركزي الألماني «تباطؤ دينامية اقتصاد البلاد في النصف الثاني من السنة» بسبب الضعف الذي تظهره اقتصادات الدول الصاعدة الكبيرة، والصين منها في صورة خاصة، والتخوف من حدوث انتكاسة مالية أو اقتصادية فيها، ما سينعكس سلباً على الحجم الحالي للصادرات الألمانية إليها. ويعاكس هذا التقدير التوقعات السابقة لاتحادات أصحاب العمل والخبراء الذين كانوا يبنون تقديراتهم التفاؤلية على النصف الثاني من العام.