الإصرار السعودي على الإصلاح.. وتأكيد الأمير عبد الله بن عبد العزيز على التدرج المدروس ليس إلا رسالة واضحة على نهج المملكة قيادة وشعبا لمواجهة تيارات التغيير ومقومات التطور ومستلزمات التحديث لبناء المجتمع فكرا وثقافة وسلوكا.. وهذا الإصرار ينبع أولا من الحاجة الداخلية للوصول إلى صيغة تعايشية مع الذات ومع الآخر أيا كان جنسه ولونه ودينه ولغته. لذا، كان ملاحظا خلال لقاء ولي العهد بنخبة من "الأصدقاء" الأمريكيين بالرياض على هامش منتدى جدة الاقتصادي اعتراف أحدهم الصريح أن "المفاهيم في بلدنا (الولاياتالمتحدة) خاطئة عن المملكة ومختلقة". وهنا يمكننا أن نصفق لهذا الاعتراف المسؤول من جهة، ونتساءل في نفس الوقت عن المستفيد من بث الأكاذيب عن المملكة، نحن أولا في عالم تنفصل فيه السياسة من المنطلق البراجماتي البحت عن الأخلاق بمنطق القيم والمثل العليا، ولهذا بينما كان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستون تشرشل يمشي بين المقابر ذات يوم ، إذ وجد شاهد قبر كتب عليه "هنا يرقد الرجل الأمين والسياسي العظيم......" فابتسم تشرشل كثيرا وقال لمرافقيه مستنكرا " كيف يكون سياسيا وأمينا في نفس الوقت؟" هذه الثنائية المتضادة يستخدمها كثيرون للترويج من تحت الطاولة وبأساليب تشبه العمل السري لمجموعة من الاختلاقات بهدف استغلال موقف ما للتشويه أو خدمة وهذا هو الأسوأ لطرف لا يمثل مصلحة وطنية؟ لن نغوص وراء نظرية المؤامرة كثيرا.. ولكن الشواهد الحقيقية تدل على ما هو اكثر، وإلا فما الذي يبرر للأسف تبني بعض الكتاب والمنظرين الأمريكيين لكل ما يسىء إلى المملكة وإلى تاريخ العلاقات بين البلدين؟ الأمير عبد الله، كان صريحا عندما أكد الثقة فيمن أسماهم رجال الولاياتالمتحدة الشرفاء "الذين يقدرون الصداقة المخلصة بين الشعوب".. الشعوب التي ستدفع وحدها ثمنا باهظا لسياسة التحريض والكراهية، أو ستحصد ثمار الإخاء والرفاهية والسلام.. هذه هي المعادلة أو بمعنى اصح طرفا "المقص" الذي يمكن استثماره فيما هو مفيد، وليس للقطع والتمزيق والتفريق. فالشعوب هي الأهم.. وهي الباقية، ولكن ليس على طريقة بعض المأجورين أو المستأجرين أيا كانوا وأينما وجدوا؟