قرأت ورقة ألقاها معالي الأخ الدكتور محمود بن محمد سفر عن الإصلاح ومواجهة الفكر المتطرف ضمن برنامج مهرجان الجنادرية الأخير تحوي الكثير من الأفكار النيرة عن هذا الموضوع المهم. لدي بعض الأفكار التي أعتقد أنها تتناغم مع هذه الورقة، أشارك القارئ بشيء منها مثلما شاركت معاليه بها: 1- تتحدث الورقة عن ثوابت الأمة والعقيدة وأسمع كثيرا عن هذه الثوابت ولكني لا أرى تحديدا لها واتفاقا بشأن تفاصيلها. هذا مطلب ليس باليسير تنفيذه، كما أرى. فما هو متغير لدى شخص قد يكون من الثوابت لدى آخر. ويخيل لي أن تفاصيل هذه الثوابت تنحسر مساحة كلما أمعنا الفكر وعمقنا الفهم. والتطرف الذي نعاني منه هو نتيجة للخلاف حول تفاصيل هذه الثوابت. لذا من المهم تحديد هذه الثوابت حتى لا تظل مادة للجدل وسوء الفهم. 2- بالنسبة للمنهج التعليمي فإنه في الواقع توجد ثلاثة مناهج: المنهج المقرر والمنهج المعلم والمنهج المفهوم. وكلما تقاربت هذه المناهج ازدادت فعالية التعليم. وكما يرى القارئ فإن الأخيرين يعتمدان على قدرة المعلم وإخلاصه. وهذا يتطلب منا العمل على تطوير قدرات المعلم وتحسين وضعه التحفيزي. لن نستطيع أن نطور التعليم إلا إذا اجتهدنا في تحقيق هذه المتطلبات. وتطوير المعلم لا يقتصر على تدريبه على فنيات التعليم بل كذلك على إدراك مقتضياته، التي من أهمها التفاعل والإبداع ونبذ أساليب التعليم البالية مثل التلقين. هذه الجهود في التطوير والتحفيز ستأخذ وقتا طويلا لتنتج، ولكن يمكن أن نجسّر هذه الفجوة عن طريق التعليم بالتلفزيون والكمبيوتر والوسائط الأخرى. 3- لست متفائلا بشأن إمكانية تعاون البيت مع المدرسة على المدى القصير، لسببين: أولهما، التخاذل في الاهتمام والقصور في الفهم الموجود لدى كثير من أولياء الأمور. وثانيهما، أن كثرة عدد الأطفال في العائلة ينهك حتى أكثر الآباء حرصا وأرقاهم معرفة. ثم إن اختفاء العائلة الممتدة وعدم انبثاق بدائل اجتماعية تقوم بمساندة العائلة النووية في مهامها التربوية أضاف إلى هذا العبء الكثير. 4- لا يأتي الإصلاح من الطرح المتهور ولا من التصورات المبسطة بل يتحقق بالارتكاز على إدراك عميق لمتطلباته المختلفة وتحر دقيق لسبل الوصول إلى عناصره المتعددة وتكاتف مثابر لتطبيق تفاصيله المضنية.