لا يتوقف الخبراء السويسريون عن التحذير من الأخطار المحيطة بالدولار، الذي ربما يخسر سمعته كعملة احتياط دولية بامتياز. ويعترف الجميع بتاريخ الدولار مقارنة بالعملات الأخرى التي لا يزداد تداولها إلاّ في الظروف المالية والاقتصادية الاستثنائية، إذ تضطلع العملة الأميركية بثلاثة أدوار تتمثل باستئثارها بالمركز الأول في أسواق الصرف، وكونها المرجع الأول للموازنات المالية لأهم الشركات العالمية، وحيازتها على الثقل الأبرز في توازن إصدارات سندات الخزينة الأميركية. كما لصحة الدولار تأثير مباشر على تحرك المستثمرين الدوليين وقرارات المؤسسات الحكومية والخاصة دولياً، ويشكل أيضاً الحجر الأساس خلال التعاملات بين المصارف الدولية. على سبيل المثال، في حال قرر المصرف بغض النظر عن موقعه الجغرافي وجنسيته تحويل عملة مثل اليورو إلى عملة مثل الفرنك السويسري أو بالعكس، فإن عملية التحويل تمرّ عبر الدولار الأميركي. لذا توجد أسواق صرف خاصة وسرية حتى في التعاملات بين المصارف. يُضاف إلى كل ذلك، اعتماد ما يزيد على 90 في المئة من الصفقات التجارية على فواتير مسجلة بالدولار. ويرى المراقبون أن لدى الآلاف لا بل ملايين المستثمرين حول العالم نشاطات أو سيولة مالية بالدولار حتى في سويسرا، لأنه أكثر «ليونة» من العملات الصعبة الأخرى، ما يخول حكومات كثيرة الاعتماد عليه لتثبيت أسعار الفوائد لديها. فيما تربط حكومات أخرى تراجع عددها تدريجاً الدولار بأسعار صرف عملاتها الوطنية. الجنيه الاسترليني ويُعتبر الجنيه الاسترليني المرجع الثاني لعالم المال والاقتصاد بعد الدولار الأميركي، علماً أن العملة البريطانية كانت في المركز الأول باعتمادها في كل المعاملات المالية في السابق، حتى بعدما خسرت بريطانيا مركزها العالمي كالدولة الأقوى اقتصادياً في العالم. والغريب أن العملة الأوروبية الموحدة لا تزال معزولة عن كل ما هو مهم في الاقتصاد العالمي حاضراً. ويفترض المحللون الاقتصاديون السويسريون أن أي تضخم مالي يُسجل في الفترة المقبلة أو عدم الاستقرار المالي حول العالم «سيضعضع» الدولار لمدة ربما تكون موقتة أم دائمة. ولا شك في أن تعاظم نفوذ الدول النامية دخل إلى خط الموازنات المالية العالمية منذ فترة. في المقام الأول ينتظر الخبراء ما سيحصل بعد تطبيق خطة خفض الحوافز المالية في أميركا، وهي خطة ستُنفّذ في النصف الأول من العام المقبل حداً أقصى وفق التوقعات السويسرية. وبالطبع سيحدث فراغ في حال انهيار سمعة الدولار دولياً، لأن ما من عملة أخرى قادرة على استبداله. فاليورو الذي كان سابقاً بديلاً عملياً حاولت الدول المعادية لأميركا سياسياً اعتماده، لكن الرهان عليه سقط خصوصاً بسبب تشتت أسواق السندات الأوروبية الحكومية والخاصة وانقسامها. أما الين الياباني فهو يمرّ في مرحلة صعبة وغير قادر على الاضطلاع بمهمات الدولار الأميركي حتى الآن.