شمل نشاط جابر بن حيان في دراساته المتنوعة المسائل النظرية والعملية في ميدان العلوم عامة، ولكنه ركز على العمليات العلمية المخبرية لتعلقها بعلم الكيمياء فوصف كل العمليات التي تناولها وصفا دقيقا للغاية. كما درس وبدقة متناهية نظرية ارسطو طاليس التي كانت معروفة في القرن الرابع الميلادي القائلة ان كل الموجودات في العالم تتألف من الماء والهواء والتراب والنار، ولها خواص اربع هي الحرارة والجفاف والرطوبة والبرودة. يقول عبدالحميد احمد في كتابه اثر الحضارة الاسلامية (رأى ارسطو ان هناك قواما وسطا من التراب والنار كانوا يصفونه (بالوخاني)، وهو يصدر من تحول التراب الى النار، وكذلك كان يرى ان هناك قواما بين الماء والهواء، كانوا يصفونه (بالماء) وهو يصدر من تحول الماء الى الهواء، وباجتماع هذين القوامين في باطن الأرض تحدث (الفلزات هي الجواهر التي لاتحرقها النار بل تذيبها، فإذا فارقتها النار عادت إلى حالتها الاولى وهي الذهب، والفضة، والنحاس، والقصدير، والرصاص، والخارصين) وفيها يزيد عادة مقدار القوام (الدخاني) فطغت آراء ارسطو على فكرة الذرة وبقيت مسيطرة على افكار العلماء حوالي الفي سنة. لقد وصف ادوارد فاربر في كتابه التوابع في علم الكيمياء بقوله: ان جابر بن حيان خالف نظرية ارسطو، وقال ان الفلزات لاتتكون باتحاد القوامين مباشرة بل انهما (أي القوامين) يتحولان اولا الى عنصرين جديدين، فالقوام الترابي الدخاني يتحول الى كبريت والقوام المائي يتحول الى زئبق وباتحاد الزئبق والكبريت في باطن الارض تتكون الفلزات وقد بقيت نظرية جابر بن حيان سارية المفعول لدى الكيميائيين في العالم حتى القرن الثامن عشر الميلادي (الثاني عشر الهجري) حيث بدأ عصر الكيمياء التي بنيت على الدراسات المجهرية. ويظهر فضل جابر بن حيان الازدي واضحا في انه اول من حاول وبكل نجاح تحريك الاشياء عن اماكنها التاريخية واعادة تنظيم المادة من جديد، والوصول الى اشياء لم تعرف من قبل فقد حاول جابر بن حيان ادخال العلوم الرياضية على علم الكيمياء، لانه يعرف تمام المعرفة ان العلوم الرياضية الهيكل العظمي لجميع العلوم. ويقول فاضل احمد الطائي في مقالة له بمجلة العلوم (السنة الثالثة العدد الاول سنة 1958ميلادية) بطريقة جابر بن حيان الازدي في التحليل الكمي (يحتاج للرياضيات) واستعمال الميزان استعمالا فنيا في ضبط مقادير الشوائب في المعادن لم يعرفه الغرب (اوروبا) الا بعد سبعة قرون.