كان ينظر إلى مركز أبحاث "بالو ألتا" على أنه مجرد معمل أبحاث لشركة كمبيوتر اشترتها شركة زيروكس غير أنه سرعان ما تحول إلى واحد من أكثر المنشآت البحثية انتشارا في تاريخ البحث العلمي حيث ساهم في تطوير الكثير من النظم الكمبيوترية كنظام التشغيل ويندوز ومعالج الكلمات، وشاشة الكمبيوتر والفارة .. الخ... والمؤلف مايكل هيلتزيك في (448) صفحة تمثل جسم كتابه (تجار النور الصناعي) للناشر هاربر بزنس يستعرض أهم العناصر الفاعلة التي ساهمت في تطور هذا المركز. لقد كانت هذه التطورات انفجارًا غير مسبوق في النشاط الإبداعي، نجم عن أربعة عناصر متميزة. الأول كان مددًا ماليا لا ينقطع فيما يبدو من شركة زيروكس. والثاني، كان سوقا لشراء المواهب البحثية الممتازة. والثالث، كان حال تكنولوجيا الكمبيوتر، التي وصلت إلى مفترق طرق بين المهندسين التقليديين لصناعة أجهزة الكمبيوترات وأنظمة اقتسام الوقت وبين التكنولوجيات الجديدة لأشباه الموصلات والدوائر المغلقة. والرابع، هو الإدارة. وتم استثناء مهندسي الكمبيوتر في مركز أبحاث بالو ألتا من تحسين المنتجات الموجودة بالفعل لشركة زيروكس وتم تفريغهم لمهمة قيادة الشركة إلى أرض لم تطأها من قبل. كتاب تجار الإضاءة هو الرواية الفاتنة لكيفية تلاقي هذه العناصر الأربعة مع مجموعة فريدة من الأفراد والأحداث كي تنتج نظاما من التقنيات المتكاملة غيرت بالفعل الطريقة التي نعمل بها أو نلهو أو نتصل أو نتسلى، أو بالأساس الطريقة التي نعيش بها حياتنا. وعلى الرغم من أن الأسباب التي أدت إلى عجز زيروكس عن الاستفادة من معظم هذه التطورات التاريخية وكيفية حدوث ذلك تشكل في مجملها مادة رائعة لكتاب جديد، فقد ركز المؤلف مايكل هيلتزيك على المخترعين واختراعاتهم جاعلا عالم تكنولوجيا الكمبيوتر السري الملغز متاحًا ومفتوحًا أمام معظم الحالات التي تعاني من إرهاب التكنولوجيا بشكل ميئوس. وهذا عمل فذ ليس بالقليل. فقد كان الكمبيوتر الشخصي- ببرامجه الكثيرة وتطبيقاته وأنظمته الموازية- نتاج خيال خصب للعديد من أصحاب الرؤى والحالمين وسار في منحنيات وتعرجات كثيرة قبل أن يصل إلى صورته الحالية على مكاتبنا وفي معاملنا. وعلى هذا، فالتاريخ الفريد للكمبيوتر يشي بتفاصيل تقنية دقيقة يمكن أن تربك أفضل الكتاب وأشد القراء فطنة وذكاء. ومع ذلك فإن هيلتزيك يفلح في إفساح طريق واضح لنفسه في غمرة تلك التفاصيل التقنية ليقدم لنا رواية ذات بناء مترابط على نحو رائع. وراق له أن يعرض لعدد من الشخصيات (ومنها الكثير والكثير في الكتاب) واتسم عرضه بتسلسل زمني، رافقه سرد لمصطلحات تقنية مما يوفر وجبة دسمة بوسع كل المؤرخين الاستفادة منها. والأهم من هذا أن هيلتزيك نفسه قاص تأسرك روايته للأحداث لا يحيط علما بموضوعه فحسب، بل ويعرف كيف ينتقل بعبارات رشيقة من نقطة إلى أخري. والكتاب عميق شيق يشد القارئ من أول سطر. ويقدم هيلتزيك- أيضًا- بعض النقاط الأساسية في أصول العمل. وعلى الرغم من أنه لا يسهب في شرح أسباب فشل زيروكس في انتهاز الابتكارات المهمة لمركز أبحاث بالو ألتا والاستفادة منها، فإنه يرسم صورة مفيدة تشي مفرداتها من مناخ عام وثقافة وشخصيات تفاعلت معًا لتمنع زيروكس من أخذ المكانة اللائقة بها في تاريخ الكمبيوتر. إنها صورة تعجز آلاف الكلمات عن شرحها. ويخصص المؤلف الفصل الأخير في الكتاب- بعنوان "هل فوتت زيروكس الفرص؟" لشرح الصعوبات التي واجهت تسويق المبتكرات. ولو توهم القارئ أن الإجابة عن هذا السؤال سهلة وواضحة فإن تحليل هيلتزيك سيحرره من هذا الوهم. Dealers of Lightning Xerox PARC and the Dawn of the Computer Age By: Michael Hiltzik 448 pp. Harper Business