دخلت مفاوضات السلام السودانية/ السودانية امس الشوط الاخير من سباق مارثون السلام لانهاء حرب اهلية تعود جذورها الى اكثر من خمسين عاما اشتعلت نارها قبل استقلال السودان فيما ينتظر الشارع السوداني توقيع اتفاق نهائي ربما يكون يوم ذكرى الاستقلال. ويقول قريبون من مقر المفاوضات في نيفاشا الكينية ان الوفدين الحكومي برئاسة على عثمان محمد طه ووفد حركة التمرد الجنوبية برئاسة الدكتور جون قرنق يضعون حاليا اللمسات الاخيرة لاعلان اتفاق شامل ربما يكون اليوم اوغدا بينما يتوقع مراقبون ان يتم الاعلان في الاول من يناير الذي يوافق الذكرى الخمسين لاعلان استقلال السودان. وكان وفدا الحكومة السودانية والمتمردين قد عادوا يوم الجمعة الى طاولة المفاوضات بعد عطلة ليوم واحد بمناسبة ذكرى الميلاد مواصلين سعيهم لابرام الاتفاق حول كيفية تقاسم الثروة وتسوية الخلافات حول المناطق الثلاث المتنازع عليها. وكان الجانبان قد وعدا بالتوصل لاتفاق سلام بحلول نهاية العام رغم ان الخبراء يعتبرون ان هذا الموعد يبدو غير واقعي وقد يتطلب الامر اسبوعا في العام الجديد يبدأ باعلان مشترك عن التوصل المبدئي لاتفاق عام. ويعكف النائب الاول للرئيس السوداني على عثمان محمد طه في منتجع نيفاشا مع زعيم المتمردين جون قرنق لانهاء تفاصيل الاتفاق فيما كانت لجنة المفاوضين تبحث وضع المناطق الثلاث (جبال النوبة والنيل الازرق وابيي). وتعهدت واشنطن في اكتوبر تشرين الاول بزيادة المساعدة للسودان لكن قالت ان المساعدة سترتبط بتنفيذ اتفاق سلام. واتفقت الحكومة والجيش الشعبي لتحرير السودان العام الماضي على استثناء المناطق غير المسلمة من تطبيق الشريعة الاسلامية وتنفيذ فترة انتقالية مدتها ست سنوات يصوت بعدها الجنوب على ما اذا كان يريد الانفصال. ومناطق جبال النوبة والنيل الازرق وابيي المتنازع عليها جزء من شمال السودان لكن الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يتزعمه قرنق يقول انها مهمشة ويجب منحها الحكم الذاتي واستثناءها من الشريعة الاسلامية. قضايا مفصلية وعلى الرغم من اتفاق الطرفين على مباديء ذات سمات عامة بخصوص ملف الثروة والسلطة الا ان هناك قضايا مفصلية لايزال الجدل حولها مستمرا ولعل ابرزها مؤسسة الرئاسة وتكوينها وحدود الاختصاصات والصلاحيات وامكانية ان تكون الرئاسة مناصفة بين الرئيس عمر حسن البشير وقرنق خلال الفترة الانتقالية كما يرشح من الموقف التفاوضى للحركة الشعبية بجانب مسألة مشاركة القوى السياسية الاخرى فى الحكومة ذات القاعدة العريضة التى من المقرر ان تشكل عقبه امام الاتفاق النهائى وقبل قيام الانتخابات العامة هذا بالاضافة لمسألة الانتخابات ذاتها. وفى التشريعات هناك قضايا اخرى على درجة من الحساسية فى مقدمتها تكوين الاجهزة التشريعية بكل مستوياتها ودستور الجنوب وصلاحيات الحكومة الاتحادية فى اجراء اى تعديلات عليه وتكوين مجلس الولايات وحجم التمثيل للشمال والجنوب فيه. وبالنسبة لملف الثروة فيرى المراقبون ان الخلافات فيه قليلة اذا ماقورنت ببقية الملفات حيث انحصر الخلاف فيه حول كيفية تشكيل مجلس لادارة النفط باعتباره الثروة الاساسية التى لها عائد مجز. وتتباعد مواقف الطرفين حول قضية المناطق الثلاث التى تصر الحركة على اعتبارها ضمن الجنوب وعلى منحها حكما ذاتيا باعتبار ان هذه المناطق خارج حدود الجنوب التى رسمت منذ الاستقلال عام 1956م وتعتبر ان مشاكل هذه المناطق ادارية. ملفات عالقة وعلى الرغم من هذه الخلافات الا ان نجاح الطرفين فى الوصول لاتفاق بشأن اصعب الملفات وهو الترتيبات الامنية ووجود ضغوط دولية واقليمية وشعبية يعكسها مشاركة 60 من قيادات الاحزاب السياسية المشاركة فى الحكم والمعارضة فى هذه الجولة وتوقعات الكينيين بوصول وزير الخارجية الامريكى كولن باول لنيروبى خلال الاسبوع الحالى لدفع عملية السلام ولحضور توقيع اتفاق السلام فى احسن الفروض يعكس امكانية وضع الحد الاخير لاطول حروب القارة الافريقية التى راح ضحيتها مليونى شخص كما شرد اربعة ملايين اخرين خلال هذه المحادثات بين طه وقرنق. امريكا تأتي لحضور التوقيع ومع التوصل الى انهاء الصراع على طاولة المفاوضات يزداد التساؤل عن الحضور الامريكي الذي كان يتم من خلال الكواليس وكيف سيتم تمثيل واشنطن في وضع اللمسات الاخيرة. الامريكيون اعلنوا اكثر من مرة على ان التوقيع النهائي على الاتفاق بين الشمال والجنوب سيتم في البيت الابيض بينما حرص السودانيون على الرد بطريقة غير مباشرة بان ما تم جهد سوداني ولا ينبغي ان يجير لصالح احد ولتأكيد هذه الخصوصية فسيتم التوقيع في الدول المستضيفة للتفاوض اكراما لها وللدور الافريقي وتأسيسا لمبدأ ان لا يتم توقيع الاتفاقيات في موطنها ولا يوجد أي مبرر لتصديرها الى واشنطن. انطلاقا من هذا الفهم يتوقع ان يحضر كولن باول وزير خارجية الولاياتالمتحدة الى كينيا لحضور توقيع الاتفاق الذي تقول بعض المصادر سيدعى له قادة دول المنطقة وممثلو المنظمات الدولية والاقليمية. دعوة لسحق تمرد دارفور وفي وقت يعمل الجانبان الحكومي والمتمردين في جنوب السودان لاطفاء نار الحرب الاهلية في جنوب السودان يشعل متمردون جدد نار حرب جديدة في غرب السودان تتسع يوما بعد يوم وتستهدف المدنيين والعسكريين على السواء. وبلغ الامر باحد ابناء المنطقة ان يدعو الجيش الى سحق التمرد الجديد.فقد دعا عبدالحميد موسى كاشا وزير التجارة الخارجية السودانى وهو من ابناء المنطقة القوات المسلحة الى التوجه الى دارفور لحسم التمرد وتحقيق الاستقرار والامن لمواطني المنطقة. ووصف كاشا خلال مخاطبته احتفالات منطقة اعالى النيل العسكرية بذكرى الميلاد يوم الخميس الماضي التمرد فى دارفور بانه اسوأ من تمرد الجنوب. واستدل على ذلك بقوله انه اسفر عن حرق الطائرات واختطاف العاملين فى حقل الاغاثة والعون الانسانى. وقال ان الوضع فى دارفور يقتضى فرض هيبة الدولة والتعامل بحسم مع المتمردين داعيا جنود منطقة اعالى النيل العسكرية للتوجه الى هناك لدحر الخارجين عن القانون.. ونفى ان يكون سبب الصراع قائم على التطهير العرقى او القبلى موضحا ان هذه المشكلة ظهرت نتيجة لاحتكاك الرعاة والمزارعين. وكانت حركة التمرد اعلنت الثلاثاء الماضي انها قتلت 84 جنديا عندما صدت هجوما عنيفا شنه الجيش في منطقة كبكبية في شمال دارفور.وظهرت حركة التمرد في دارفور التي تطالب بالتنمية الاقتصادية في المنطقة الى العلن في شباط/فبراير من العام الحالي 2003. وتقول الخرطوم انها تتلقى دعما من جهات اجنبية ومن اريتريا التي تتخذ موقفا عدائيا تجاه السودان بعد تمكن الخرطوم من عزل اسمرة عن محيطها العربي والافريقي بعد تدخلها السافر في الشئون السودانية من خلال فتح حدودها امام قوات التمرد الجنوبية وقوات المعارضة في شرق السودان.