عدت بذاكرتي لبعض ما أعرفه عن صداقات دامت لسنين طويلة فبعضها دامت قوية ومتماسكة لثلاثين عاما أو أكثر. ولكن هذه الصداقات الطويلة سقطت وفشلت، بل الأسوأ وصولها إلى دهاليز المحاكم والسلطات الأمنية لايجاد حل أو أنصاف من هو صاحب الحق ومعاقبة المتعدي حسب القوانين الشرعية في المملكة. قد يسأل سائل ويقول: يا ترى ما السبب؟ وأجيب: ان الغالبية العظمى من الصداقات الفاشلة، كان لكل حالة سببها الخاص، ولكن العوامل الرئيسة، اما بسبب المشاركة في تجارة أو تنفيذ مشروع، بسبب عجز أحدهم من مواصلة تجارته والحصول على أرباح نتيجة لنقص في المال أو الميزانيات، أو بسبب التداخل الأسرى بين طرفين من رجال الأعمال، بتزويج الأبناء والبنات فيما بين العائلتين. وأي خلاف بين الزوجين يعصف بتلك الصداقة وتتحول إلى عداء شخصي، وقد تتم عملية الفصل في أعمال التجارة، ويتورط فيها أحد الطرفين. ولاشك أن الشراكة في مال أو عمل تجاري،من الأعمال الجيدة، ولكن حسب خبرتي، قد تفشل بسبب التشكيك، وتدخل بعض الأفراد بين الطرفين فينقل كلاماً وقولاً وعملاً، لأحدهم زوراً وظلماً ومع الوقت وقلة التأكد والتثبت من صحة هذا الفرد ومن عدمه، تفشل الصداقة وتنتهي وأما اقتراض المال، فبسبب عدم الإيفاء باسترداد القرض في وقته، يسبب التشكيك في الشخص المقترض، في إهمال ما تم الإيقاف عليه وأنه لن يدفع المال نهائياً. فالصداقة من الأمور المحببة والجميلة ولكن دخول المال فيها والتناسب الأسرى قد يعصف بها، حتى ولو في آخر العمر. فقدر المستطاع، يجب ألا نشارك صديقاً عن جزءاً في تنمية الأموال، حتى لا نخسره، وأن طالت صداقتهما. وقد سمعت من رجال كثيرين لهم الخبرة الواسعة في مثل هذه الحالة وهم يقولون: ان كنت تحب صديقك لا تشركه في مال، ولا تقرضه قرضاً، ولا تناسبه وبالأخص، في المجالات الاقتصادية والتجارة بكل أنواعها. وأن اضطررت لشيء من هذا، فعليك بالحرص في عدم السماح لأي هفوة تشكيك، وعدم التصديق بما يقوله الوشاة، والبعد ما أمكن عن مشاكل الزوجين من الأبناء إلا عند الضرورة القصوي وأما الصغيرة والمتوسطة فا ترك عملية التدخل لغيرك أو حلها بأنفسهم. ولكن مهما قيل (الجأ إلى الأصدقاء في حالة الضيق)، مع الالتزام بالصدق والأمانة والإيفاء.. بالوعود في وقتها " فالصديق وقت الضيق" وأما الأفضل أن تبقي صديقك بعيداً عن أعمالك وأموالك، وألجأ إلى الدولة لأخذ المشورة والحصول على قرض من الدولة أو من إحدى البنوك. واكسب صديقك واخذه كناصح أو مستشار، فالمال ومشاركة الأصدقاء فيه من أقوى العوامل التي تعصف بالصداقة وتنهيها فأسلو من كان قبلكم، فقد تجدون الكثير عن مثل هذه الحكايات التي لازال البعض منها، ونحن نعرفهم وهم موجودون في مجتمعاتنا، لا يحدث أحدهم الآخر بعد صداقة من السنين الطويلة.