مما سمعته من الحكماء ان من اكثر من التحذير من امر ما فربما كان ممن يعاني منه/ وليس الامر على اطلاقه، والا لسكت البصيرون بدخائل الامور عما يلاحظونه، مما قد يدق عن نظر عامة الناس، ولكني وجدت ذلك ماثلا في كتابات مجموعة من كتاب صحفنا المحلية، الذين يكثرون من الحديث عن قضية (الرأي الآخر) وينعون على من يصنفونهم في خانات (التقليد) ثم (التشدد) وأخيرا (الارهاب) انهم يصادرون الرأي الآخر، ولا يفسحون له مجالا للطرح والمناقشة. والذي حدث في الفترة الاخيرة امر في غاية العجب، لقد تحطمت مقاييس هؤلاء الكتبة، وانحطوا بمبادئهم البراقة الى مستوى لا يليق بصاحب الحرف وحامل القلم، فراحوا يوظفون الاحداث المؤسفة الاخيرة لخدمة رؤاهم المنسوجة بخيوط غربية الصنع، تخدم مطامع المتربصين بخيرات هذه البقعة المباركة علموا ام لم يعلموا، فكشفوا اقنعتهم عن وجوه لم تستطع ان تستتر كثيرا حينما وجدت لها فرصة لتبرز في اثواب الناصحين، فهم يرفعون عقيرتهم بحب الوطن، وكيل الشتائم لاعدائه، ومن هذه البوابة يهجمون على كل ما يغذي روح الايمان في النفوس، والا فما ذنب هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي تضم مئات وربما آلاف المخلصين الذائدين عن اعراضنا، اذا شذ منها واحد او اكثر، وما لحلقات تحفيظ القرآن الكريم ان تقحم وهي التي تحتوي عشرات الآلاف من الصبية والفتية تربيهم على كتاب الله الكريم وتحفظهم بإذن الله من صحبة السوء وشذاذ المباديء في اكثر سنوات العمر خطورة اذا بغى منها شخص او اكثر، وما للتسجيلات الاسلامية ان ينالها نصيب من ألسنة هؤلاء، وهي التي وقفت مع رجال الأمن في ملاحقة الجريمة الاخلاقية، والمخدرات، والظلم بأنواعه، واسهمت في نشر الوعي، والتربية الاسرية والايمانية، التي تقف على رأس القائمة في مكافحة كل الجرائم، وهو ما تسميه الدوائر الأمنية: (تقوية الوازع الديني)، ما ذنب مجموعها ان استغلت بعض الاشرطة التي لا تصدر عنها فيما يسوء كل عاشق لهذا البلد الطيب اهله. وما للحى وهي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم - ان يسخر بها ويستهزأ باصحابها ويوضعون كلهم في دائرة التهمة، ومنهم من لا يعادل حبه لوطنه والذود عن حياضه حب نفسه وذويه في قلبه، لانه يرى ان ذلك دين يدين الله تعالى به وهو اعظم محبوب عز وجل، واصحاب اللحى هم الذين وقفوا مع ولاة الامر في النوائب التي مرت بالبلاد فرجها الله، وآخرها هذه المحنة النكداء ازاحها الله عن صدر ارضنا بامر منه وقضاء لا يرد. وما لجامعة الامام التي خرجت المفتين والوزراء والعلماء والادباء والاعلاميين ورجال الاقتصاد ومديري الدوائر الحكومية اللامعين، والدعاة المعتدلين في منهجهم، اذا خرج - عن دائرة العلم الوضيء والعدل في الحكم على الناس - فيها واحد من خريجيها او اكثر. ان ما يحدث في بلادنا من بغي فئة محدودة غلت وتنطعت حتى بلغ بها ان تقتل وتسفك الدماء المعصومة باسم التدين، لا يغير ذلك من نسيج هذا المجتمع الذي بني اساسه على شريعة الله، واذا تغيرت كل بلاد العالم واستجابت للاباحية التي يشيعها اليهود والنصارى وأذنابهم فان هذا الوطن سيبقى - بإذن الله - تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله) محفوفا برعاية الله، فما كان لارض استقبلت وحي السماء، وتضم جنباتها جسد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتحمل على اكتافها بيت الله وكعبته ومسجد رسوله صلى الله عليه وسلم ان تسير في غير طريق الله المستقيم، ولا ان تستبدل الذل بالعز، ومن يرى ان قلمه لا يجري الا بغير هذا، فليرحل الى صحف العقارب والحيات، وقنوات الافساد واشاعة الفواحش والفتنة ففيها طلبته.. والا فاني ادعوه من جديد لان يتقي الله فيما يكتب، وليربأ على نفسه.. فانه لن يستطيع ان يستعدي دولة رفعت لواء التوحيد، واعلنت شريعة الله دستورا لحياتها، ان يستعديها على الايمان واهله والذائدين عن حياضه، مهما حاول تصنيفهم او التخويف منهم، او خلط اوراقهم بمن بغى وأفسد، ان وجودهم صمام امان للمجتمع: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون)، ووجود المفسدين نذير خراب له: (واذا اردنا ان نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا)، والله من وراء القصد.