اكتشفنا في حفل افتتاح معرض "سوكراكس 2003" في فندق جميرا بيتش، ان السويسري جوزيف بلاتر ليس فقط رئيساً لامبراطورية الفيفا التي تضم تحت لوائها 204 دول، وإنما "فيلسوف" يجيد الاستغراق والتأمل واستنباط العلاقات الخفية بين الأشياء والكائنات، تماماً على غرار أفلاطون وأرسطو، ولكن في مجال كرة القدم! فعندما جاء دوره في إلقاء الكلمة الختامية للجلسة الافتتاحية، صعد الى المنصة وارتجل كلمة في محاضرة استغرقت نصف ساعة تقريباً، لكنها مرت علينا كما لو كانت "في دقيقتين" من حلاوة الكلام وغزارة المعلومات التي نسجها في قالب فلسفي جميل يجسد رؤيته للكرة من منظوره الخاص. فالكرة ليست بحاجة مطلقاً إلى دعاية من أي نوع، فهي رياضة فطرية وليس أدل على ذلك سوى أنك لو أحضرت كرة لأي طفل في أي مكان بالعالم سيقترب منها ليركلها من دون أن يعلمه أو يطلب منه أحد ذلك!.. والكرة ليست مجرد نشاط رياضي يحظى باهتمام شعبي أو جماهيري عريض على مستوى العالم بقدر ما هي منظومة متعددة الحلقات والدوائر وتتضافر فيها مفاهيم السياسة مع الاقتصاد مع الثقافة مع الاجتماع مع السياحة مع غيرها وغيرها من مجالات النشاط الإنساني، ودلل بلاتر على ذلك بقوله ان اللعبة تحظى باهتمام مباشر من قبل 250 مليون شخص يمارسونها حول العالم (احصائية موثقة في عام 2002)، وكل شخص من هؤلاء يرتبط على الأقل في دائرة نشاطه الاجتماعي بأربعة أشخاص، وبناء عليه وبعملية "ضرب" بسيطة سنجد ان اللعبة تشغل اهتمام بليون شخص على الأقل في العالم، وآخر احصاء لمن شاهدوا كأس العالم الماضية عبر شاشات التلفزيون في كوريا واليابان جاء فيه ان 30 بليون شخص تابعوا المباريات التي بلغ عددها 64 مباراة، ووفق تأملات بلاتر التي أثارت في بعض الحالات الاعجاب وفي حالات اخرى الفكاهة والضحك، (من دون سخرية) فإن هؤلاء البشر بالتأكيد اهتماماتهم وهمومهم اليومية متباينة ومتنوعة لتشمل كل المجالات التي ذكرها، وذلك بغض النظر عن ان كرة القدم ببطولاتها ومنشآتها ومعاملاتها وأنشطتها أصبحت بشكل مستقل تجارة وصناعة واقتصاداً وسياسة ومجتمعاً عالمياً يموج بالأحداث والأخبار، والصراعات والمشكلات كذلك. والكرة التي برهنت احدى الدراسات الايطالية على انها اكبر نشاط تجاري حول العالم في العقد الاخير، لم تعد بحاجة الى ما يسمى "سبونسور" ابداً، وهذا المعنى مرفوض وليس له مكان في قاموس بلاتر فمن يصرف على الكرة يجد مردوداً اكبر مما دفع ولذا فإن الوصف الأفضل هو "شريك"