يحملق رجل الاعمال العراقي عيسى صباح عبر نافذة مكتبه في جدران قصر قريب كان يحتمي خلفه صدام حسين والآن يؤوي المحتلين الاجانب الذين سيشكلون مستقبل العراق التجاري. قال عيسى في مكتبه الفخم في حي مصباح ببغداد حيث تربطه اتصالات عبر الاقمار الصناعية مع سوق عالمية تتطلع الى اقتناص شريحة من الفرص السانحة في العراق ان الامريكيين يختبئون خلف سور عال. السور بيننا وبينهم عال جدا ولا استطيع الوصول اليهم. يعكس عيسى شعور الاحباط وخيبة الامل لرجال اعمال كثيرين في العراق حيث الاتصالات صعبة ويحكم الخوف الشوارع. وبعد ستة أشهر من سقوط بغداد تبخر أغلب الشعور بالنشوة. ورغم تحسن بعض الاوضاع فان التغيير أكثر بطئا مما كان متوقعا. ويتزايد الشعور بالاحباط بين رجال اعمال كانوا على استعداد لابتلاع كرامتهم الوطنية بأمل ان يوفر الاحتلال بقيادة الولاياتالمتحدة فرص عمل تصل الى مليارات الدولارات. ويشكو العراقيون ان سلطات الاحتلال بقيادة الولاياتالمتحدة لا تتعلم بسرعة كيفية التعامل مع البلد الذي تحتله. يقولون انه لا يوجد اعتماد على الخبرة المحلية وصفقات كثيرة تعقد من الابواب الخلفية مع تفشي المحسوبية في العقود. ويزدهر الوسطاء ولكن الوصول الى المقاولين الامريكيين صعب ويشكو رجال اعمال محليون من تفضيل الشركات الاجنبية. قال فيصل الكديري رئيس مجلس ادارة شركة دوفار لصناعات العقاقير الدوائية ان تجارة عائلته كانت تعبر طرق التجارة من الخليج الى الهند. وأضاف ان كل ما يريدونه التمكن من المنافسة مع الشركات الاجنبية على قدم المساواة. واستطاعت عائلة بونيا الثرية بناء امبراطورية تجارية ضخمة في العقود السابقة لتولي صدام واستمروا في التوسع بدون ان يطولهم حزب البعث الذي يتزعمه. وقال محمود البونيا كبير العائلة الذي يعمل بالتجارة انه يتوق الى توسيع شركاته التي تغطي مجالات متعددة من منتجات الالبان الى الهندسة الانشائية والانشطة المصرفية. وتقول الادارة العراقية بقيادة الولاياتالمتحدة إن المقاولين العراقيين من الباطن ومنهم شركة بونيا فازوا بمشروعات قيمتها ملايين الدولارات من مقاولين امريكيين كبار مثل بكتل وكيلوج وبراون ورووت. ولكن بونيا يقول انه غير راض عن الاعمال المعروضة. قال: لدينا طموحات لبناء مجمعات ومشروعات كبيرة والقيام بعمليات كبرى.. ولكن المعروض ضئيل. وقال رجال اعمال عراقيون بارزون ان واشنطن تتجاهل المصالح المحلية لاجتذاب اعمال دولية. واضافوا ان السماح لمستثمرين أجانب بالعمل دون توفير ضمانات للاعمال العراقية ترقى الى كارثة ورجوع عن تعهدات تأييد سابقة. قال بونيا هناك حقوق للعراقيين. وفهمنا ان هذه الامور ستؤخذ في الحسبان في القوانين التي ستصدر. ولكننا نرى العكس. ويريد العراقيون من الادارة الامريكية الا تزيد الملكية الاجنبية في الشركات العراقية على 49 في المئة وهذا لم يحدث. والقطاع الوحيد الذي لا يستطيع فيه الاجانب امتلاك شركات هو الموارد الطبيعة وهذا يعني في العراق النفط. ويشعر عراقيون كثيرون ان خطوات تؤيدها الولاياتالمتحدة لرفع القيود على الملكية الاجنبية في اغلب القطاعات عدا النفط تتركهم تحت رحمة شركات أجنبية ومؤسسات برؤوس أموال ضخمة في الخليج تحاول انتزاع اصول بغير قيمتها الفعلية. ويقولون ان مشروعات التعمير في العراق ستنجح فقط بمشاركة عراقية قوية. قال بونيا اذا لم يبن العراقيون أنفسهم العراق الجديد فلن تستطيع قوة عظمى بناء عراق جديد. يجب منح العراقيين فرصة اعادة بناء بلدهم. وبالنسبة لشركات من الحجم الصغير والمتوسط تعمل مع مقاولين من الولاياتالمتحدة فان عدد المقاولين الصغار من الباطن الذين يقومون بترميم واصلاح المدارس في مختلف أرجاء العراق غير كاف. انهم ينتظرون مناقصات قيمتها مليارات الدولارات لاصلاح المباني العامة التي تعرضت للقصف أو النهب في حرب الاطاحة بصدام. ويتطلع رجال اعمال عراقيون الى فرص أكثر من مجرد موظفين لدى شركات أجنبية. قال بونيا: العراق سيباع لآخرين وسنتسول من الاجانب كما تسولنا من صدام. ليحصل الامريكيون على نصيب الاسد ولكننا نتطلع الى نصبح شركاء حتى يمكنهم تطويرنا ولكن ليس بامتلاك شركات مئة في المئة ونكون مجرد عمال لديهم. يصعب على العراقي هضم هذا.. انه مثل طرد العراقي من بيته بدون اعطائه شيئا.