يلعب الاستثمار الأجنبي دورا مؤثرا وهاما في الاقتصاد العالمي من خلال الشركات متعددة الجنسيات التي تعد احد مظاهر العولمة وانفتاح الاسواق, وهو أمر وعته دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبدأت في الاستعداد للاستفادة من جوانبه الايجابية والعمل ما أمكن لاحتواء سلبياته, فكان إقدام دول المجلس مجتمعة ومنفردة على ادخال التعديلات المناسبة على قوانين الاستثمار فيها وصولا لجذب التدفق الاستثماري والخروج بحصة جيدة من رؤوس الأموال المتجولة في الاسوق العالمية بحثا عن فرص مواتية للاستثمار. واشارت دراسة قامت بها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية الى اهمية هذا الموضوع وبخاصة تلك المترتبة على القطاع الصناعي الخليجي, حيث اولت هذه المسألة اهتماما خاصا فكان اختيار الموضوع شعارا لمؤتمر الصناعيين الثامن الذي عقد في الرياض بتاريخ 3 اكتوبر 2001م. وتضيف الدراسة: ان غالبية الدول النامية ان لم يكن كلها تبحث عن الاستثمار المباشر باعتباره وسيلة مكملة للاستثمار المحلي فضلا عن كونه طريقة فعالة لاكتساب المزيد من الكفاءة من خلال نقل التكنولوجيا الملائمة, ولتحقيق هذه الغاية بحث واضعو السياسات مختلف اشكال الحوافز لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وتفرق الدراسة بين انواع حوافز الاستثمار الأجنبي المباشر الجيدة والسلبية مع التركيز على تجربة وامكانات دول مجلس التعاون والتأكيد على تحسين البيئة المحفزة.. واكدت التجارب ان الحوافز السلبية لها تأثيرات اضافية محدودة, وربما تؤدي الى مظاهر ضعف في النواحي النقدية والمالية وميزان المدفوعات. وتؤكد الدراسة ان جذب الاستثمار الاجنبي المباشر من قضايا السياسات ذات الأهمية الخاصة لدول مجلس التعاون, والتي اجتذبت حتى الآن جزءا يسيرا من اجمالي تدفقات الاستثمار المباشر نحو الدول النامية, ولم يكن توزيع هذه التدفقات متساويا سواء على المستوى القطري او القطاعي, مما حدا بواضعي السياسات في دول المجلس الى محاولة تغيير هذا الوضع, وفي اطار الجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل, ولزيادة معدلات النمو الاقتصادي بوتائر قابله للاستمرار, يتم توجيه مزيد من الاهتمام نحو جذب الاستثمار الأجنبي المباشر عن طريق تحسين البيئة الاقتصادية المحفزة واستحداث حوافز جاذبة للاستثمار, وهو عمل رئيسي, تشارك بدور اساسي فيه منظمة الخليج للاستشارات الصناعية. ويمكن للاستثمار الاجنبي المباشر ان يكون عاملا حاسما في تعزيز النمو, اذ انه يتضمن - باعتباره شكلا من اشكال رؤوس الأموال العالمية - كثيرا من منافع وتكاليف التدفقات المالية المماثلة, بيد ان الاستثمار الأجنبي المباشر فريد في حزمة الحوافز التي يقدمها للبلد المضيف والاقتصاد العالمي.. وتتجاوز هذه الروابط مجالات التكامل المالي, وحركة عناصر الانتاج الى فرص نقل التكنولوجيا من الدول المصدرة لرؤوس الأموال الى الدول المضيفة. ويجمع الاقتصاديون بحسب الدراسة على ان احد اهم العوامل في تفضيل الاستثمار الأجنبي المباشر كنوع من انواع التدفقات الرأسمالية, وهو تأثيراته الناتجة على بقية القطاعات الاقتصادية, وفي هذا الاطار تنوه الكتابات المتخصصة الى المظهر التجاري للاستثمار الأجنبي, وتعمل العوامل الايجابية ذات الطابع التجاري, والتي تفضل الاستثمار الأجنبي المباشر على انواع التدفقات الرأسمالية الأخرى, على صعيد الواردات والصادرات. ففي جانب الواردات يسمح للاستثمار الاجنبي المباشر باستيراد تكنولوجيا المشروعات متعددة الجنسية الى البلد المضيف, وقد تكون هذه التكنولوجيا ذات صبغة رأسمالية او تنظيمية او تسويقية, ولا يمكن نقل التكنولوجيا عن طريق تجارة السلع, وانما يتم نقلها عن طريق انشاء بشركات تابعة للشركة الأم في الدول المضيفة, ويساهم القرب الجغرافي للشركات التابعة من الشركات المحلية في النقل المباشر للمعرفة, والآثار الناجمة عن انتشار زيادة الانتاجية في البلد المضيف عبر طريق عدد من القنوات, وتوجد التجارة الداخلية بين الشركات المحلية رابطا مباشرا بين المشروعات التابعة والمستثمرين المحليين, بما يسمح للآخرين بنقل التجارب التنظيمية والتسويقية الناجمة من الأولين فضلا عن الحصول على تكنولوجيا الانتاج المتقدمة, كما تساعد الشركات التابعة في رفع مستويات المهارة للعمالة في باقي القطاعات الاقتصادية, وبما ان قسما كبيرا من التكنولوجيا يعتبر رأس مال بشري فان هذا يعتبر نوعا من النقل للمعرفة من الدولة الأم الى الدولة المضيفة. اما في جانب الصادرات فان الشركات التابعة, توفر فرصة ذهبية للشركات المحلية لولوج اسواق كانت مغلقة امامها, كما يمكن ان تحدث زيادة مباشرة في صادرات الشركات المحلية عن طريق منتجاتها التي تدخل ضمن المنتج النهائي للشركات التابعة, وبما ان الأخيرة تتمتع بسهولة ولوج الأسواق العالمية, فانها بذلك تساهم في زيادة صادرات الدولة المضيفة. وتدل الشواهد التطبيقية الكثيرة على ان التأشيرات الايجابية للاستثمار الاجنبي المباشر مشجعة, الا انها تشير الى اهمية ضبط مكوناته وعليه يمكن القول ان تركيبة الاستثمار الأجنبي المباشر تعتبر ذات اهمية قصوى في تحديد ما اذا كان له تأثيره الايجابي على الدولة المضيفة أم لا.. كما ان تجارب الماضي تدل على ان الشركات الأم اصبحت تدفع جزءا من تكلفة البحوث والتطوير المتعلقة بفروعها الخارجية, ومع نمو شركات البحث والتطوير يمكن لها ان تستقل عن الشركة الأم وشركاتها التابعة وتصبح مصدرا عاما للتطور التكنولوجي في الدول المضيفة.