نقوم احيانا بانتقاد تصرف لنا او بانتقاصه لمجرد اننا لا نجد تبريرا تقليديا له يجعل من حولنا يقيمونه ايجابيا. وكثيرا ما يشير ذلك لا الى سوء التصرف وانما الى عدم قدرة صاحب التصرف على التعبير الموفق لسوء في التدريب على الافصاح, او نقص في الشجاعة. ومتى ما كثر الانتقاد فانه ولا شك يؤدي الى نظرة سلبية نحو الذات والتفات مستمر للنقائص, حقيقية ام خيالية, واعتياد على اهمال الجوانب الايجابية. وهذه الحدة في التقويم السلبي التي يسارع بها البعض للآخرين او لأنفسهم توجد في الناس الشعور بالعجز, لأن الانتقادات التي تتوالى على الفرد من الأناس المهمين في حياته تجعله يتعود على توجيهها منه نحو ذاته ايضا فيصبح اي نوع من التصرف مخاطرة وتغنم السلامة بالجمود, فتقتل روح المبادرة وتكبت الرغبة في الاسهام, وينتشر في ذلك المجتمع الكسل وتبريراته ويضمحل الاخلاص في العمل في حد ذاته بسبب انه ليس هناك تقدير لانجاز بل انتقاد متواصل لأخطاء قد لا تكون موجودة إلا في ذهن من نصب نفسه حكما وما اكثر من يفعل ذلك. والحل باختصار يكون في العمل الجاد من اجل نبذ هذه العادة المحبطة والبدء مع الاطفال ومع انفسنا بالتركيز على ما هو ايجابي في التصرفات والاهتمام بالانجاز وان صغر، والاشارة الى السلبيات لمجرد التعليم لا الانتقاص ويجب ان أسارع الى القول: ان هذه المهمة لا تقتصر على المدرسة فقط بل من الاحرى ان تبدأ وتستمر في البيت. وتحقيق هذه المهمة يتطلب اسهام رجال الدين والفكر والعلم للتأكيد على الجميع, الآباء نحو اطفالهم ونحن نحو انفسنا وغيرنا, على كبح جماح الانتقاد المسترسل والتعود على امعان النظر في التصرف موضوع التقويم للبحث عن ايجابياته والتركيز عليها, مذكرين متذكرين أن عدم العثور على الايجابيات في التصرف قد يكون بسبب تراخينا في البحث عنها. ويلزم هنا التأكيد على ان الهدف من تكريس هذه العادة ليس الاستكانة الى ما حقق والتوقف عنده وانما المراد هو ايجاد الادراك بأن خطوة نحو المطلوب قد تحققت لأن في مثل هذا الادراك تشجيع على خطو الخطوة التالية.