أوصى امام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس المسلمين بتقوى الله عز وجل وقال : ان الاستمساك بها خير مطية ومنجاة وبلوغها لدى البررة افضل امنية مرتجاة وهى زاد الروح وقوت القلوب وبها يستجلب المرغوب ويؤمن المرهوب وتستدفع الخطوب وهى خير مايبلغ لرضا علام الغيوب. وأضاف فى خطبة الجمعة التى القاها أمس فى المسجد الحرام قائلا : أيها المسلمون فى غمرة الماديات وامتزاج الشبهات بالشهوات تجم النفوس فى رحلتها الى الله والدار الآخرة ويعتورها الفتور وتتخللها الرتابة والقصور ولحكمة بالغة خص البارى جلت حكمته هذه الامة بمواسم للطاعات وازمنة للقربات وفرص للخير سانحات من اهتبلها وامضى فيها راحلة جسده نال الفوز والسعادة بل مرضاة ربه وزيادة ومن تغافل عنها ولهى تصرم حبل يقينه ووهى والناس بين ذلك تقى مرحوم وشقى محروم ومن اجل هذه الازمنة المباركة مامن الله جل وعلا عليكم ببلوغه وموافاته وانتم ترفلون فى ثياب من الخير ضافية وحياة آمنة صافية انه شهر القران والفرقان شهر الصيام والقيام (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) ها انتم اؤلاء تتضوعون اريج ايامه العاطرة وتحيون لياليه الزهر الغامرة، شهر مبارك اغر هو روضة بالخير غناء ومورد بالبر والهدى معطاء ومشعل بالمكرمات والهبات. فى رمضان قلوب انست بجنب الرحيم الغفار والسنة لهجت بالتوبة والدعاء والحمد والاستغفار نفوس سعدت بالتلاوة والتسبيح وتألقت بالتهجد والتراويح دأبها الخضوع والخشوع ومقل اسهدها التفريط فارسلت احر الدموع كل ذلك طاعة لله وابتغاء لمراضيه ولكم يغبط الموفقون على تذوقهم حلاوة الطاعة فى رمضان وغيره وتحليقهم بجناحى الرغبة والرهبة فى كل اوقاتهم وحالاتهم ولن يقدر قدر هذا الشهر المبارك ويدرك اسراره الا من انار الله بصيرته وايقظ حسه وزكى نفسه فيا لله هل يستقل بوصف هذا الضيف الكريم المبارك افصح لسان اويترجم عن افضاله وخيراته اساطين البيان كلا. وقال الشيخ السديس : معاشر المسلمين ان شهر رمضان ليمثل جامعة شماء للخير والبر ومدرسة فيحاء للحلم والصبر ومنارة قعساء للإيمان والتقوى وسلما لتآلف الامة وتعاطفها وتماسكها واتحادها يزكى الارواح ويحدوها الى بلاد الافراح ويسل سخائم النفوس وامراض القلوب ويربى الارادات الواهنة على الحزم والتصميم وذلك بالتحرر من الشهوات والانعتاق من الاسترسال فى الشهوات والرغبات والملذات وتلك هى الحكمة العظيمة من تذييل آية الصوم بالومضة الرائعة من ومضات الاسلوب القرآني البديع فى قوله سبحانه لعلكم تتقون اى ان ثمرة جوع البطون وظمأ الهواجر هى التقوى وكفى بها عروة وثقى. وبين فضيلته أن بعض الصائمين يخالف حكمة الصوم ويجافى أصل مشروعيته بقصور فهمهم لهذه الشعيرة العظيمة وحصرها فى الامساك عن الطعام والشراب والمفطرات الحسية مسترسلين فى اقتراف الآثام سائمين جوارحهم فى مراتع الغيبة والنميمة والبغى والبهتان والشائعات والاراجيف والذنوب والعصيان ومن كان هذا شأنه فى اوقات احوج ماتكون النفوس فيها الى التزكية الروحية والتصفية النفسية والتزود الى الدار الآخرة فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه كما صح فى ذلك الخبر عن سيد البشر عليه الصلاة والسلام عند البخارى وغيره. وخاطب فضيلته معاشر الصائمين قائلا : هاهى العشر الاول من رمضان قد تصرمت وعشره الثانية عشر المغفرة قد ازدلفت لساحتنا وتشوفت ومن ابناء الامة من لايزالون فى غفلتهم سادرين وعن الخيرات والقربات محجمين غير مبادرين بل ان الشهر ياعباد الله اوشك ان ينتصف وكثير من الناس من نفسه لم ينتصف 0 0أما آن للقلوب الغافلة ان تلين فى شهر القرآن ولزواجر القرآن: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق). وقال: ان من ماثر هذا الشهر الغفيرة ذلكم الارتباط الوثيق بين رمضان والقرآن حيث انبثق نور القرآن فى ليلة من ليالى هذا الشهر الكريم رفيعة الذكر عظيمة القدر هى خير من الف شهر فى هذه الليلة السنية اتصل نور السماء بالارض وانزل القرآن المعجزة الخالدة على قلب محمد صلى الله عليه وسلم: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) (لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم) أي فخركم وشرفكم كيف لا وهو الملاذ عند الفتن والمنقذ من المصائب والمحن لقد احيا الله بهذا القرآن موات الامم وانقذ عقائدها واخلاقها من مهاوى العدم حرر العقل الانسانى من قيود الاوهام واطلقه باحثا بنور العلم فى الاكوان سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فلا عجب عباد الله ان تالقت ارقى مدنية عرفتها الانسانية واروع حضارة عرفها التاريخ حضارة العدل والفضائل والصدق والسلام واعلى المكارم والتى لن تتحقق لارقى الامم حضارة وتقانة الا اذا اقتبست من اصوله وسارت على شعاع هديه ونوره. وقال: ولئن جال الغيور بالنظر فى احوال المسلمين اليوم وما لفها من التنازع والاختلاف والتردى فى سراديب الذلة والضعف والمهانة لعلم يقينا ان مرد ذلك كله الى هجر القرآن ونبذ العمل باحكامه وآدابه والتجافى عن التحاكم والرد اليه فاتقوا الله ياامة القرآن وتواردوا على كتاب ربكم شعوبا ودولا شبابا وشيبا ورجالا ونساء علماء وعامة تلاوة وتدبرا تعلما وتفقها عملا وتخلقا ملتمسين فيه الشفاء لادوائكم والكبح لاهوائكم واقفين على مواطن الهداية التى اهتدى وسعد بها اسلافكم ويومئذ تستعيدون مجدكم الغابر التليد وعزكم المشرق العتيد وتستردون بإذن الله قدسكم الفقيدة واراضيكم السليبة أخرج الامام مسلم فى صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ان الله يرفع بهذا الكتاب اقواما ويضع به آخرين) ولهذا ضرب السلف الصالح رحمهم الله أروع النماذج فى العناية بالقرآن فى شهر القرآن وختمه كثيرا فيه يقول الامام الزهري -رحمه الله-: (اذا دخل رمضان انما هو شهر تلاوة القرآن واطعام الطعام ولما دخل رمضان ترك الامام مالك رحمه الله مجالس الحديث والفقه واقبل على القرآن ألا ما أحوج الخلف للسير على منهج السلف ليتحقق لهم صلاح الحال والمال). وذكر فضيلته الامة باليوم الاغر من ايام هذه الامة الخوالى تحقق فيه نصر مؤزر وفتح مبين غيروجه التاريخ وغدا غرة فى جبين امة الاسلام وبطولاتها انه يوم الفرقان الذى فرق الله فيه بين الحق والباطل يوم التقى الجمعان جمع التوحيد والايمان وجمع الكفر والاوثان فى السابع عشر من رمضان فانتصرالمسلمون فى غزوة بدر الكبرى وهم قلة (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة). وقال فضيلته من مواقف التأمل والاعتبار فى أولى مواقف العزة والانتصار ان شهر رمضان شهر الجد والمثابرة والفتوحات وقوة الايمان وصحة المعتقد فوق العدد والعدد (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله) ومن ذلك ان نصر الله لايستجلب الا بنصرة دينه (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) امة الاسلامة ومع ما قررته الشريعة من حرمة الشهر الكريم شهر الوحى والتنزيل وشهر المغفرة والرحمات فلا تزال صدور غلت مراجلها بالبغضاء والحسد وعقول انحرفت عن سواء الدين والرشد قد ركبت متن الغلو والجهل تحاول زعزعة امن هذه الديار الآمنة وتنشر الفساد والاجرام فى رباها الحالمة فانتهكت حرمة الزمان والمكان وامتشقت ايديها اعمال الارهاب والعنف والتفجير وافعال الاجرام والافساد والتدمير فكان سعيهم فى وبال وشأنهم فى سفال بمن الله وفضله حيث رد كيدهم واحبط مكرهم وكان لهم بواسل الارصاد بالمرصاد الا فليعلم كل غر مأفون سلك مسالك الاجرام لاسيما فى الشهر الكريم والبلد الحرام الذى يأمن فيه كل شىء حتى الطير والحيوان والشجر والنبات والجماد فكيف بالمسلم ان الله فاضحه لا محالة وحافظ هذه الديار المباركة من كيد الكائدين وحقد المفسدين الحاقدين المعتدين (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم). وأضاف قائلا : هيهات أن يكون اصلاح مرتجى باثارة الشغب والفوضى وسلوك مسالك العنف وحمل السلاح وزعزعة الامن والانتحار نسال الله حسن الخاتمة لاسيما فى البلد الحرام والزمن الكريم الحرام فرحماك ربنا رحماك واللهم سلم سلم ونعوذ بالله من الردى بعد الهدى ومن تفطن لاثار تلك النابتة النشاز استشعر اهمية العناية بالجيل وتربية النشء على منهج الوسطية والاعتدال وتلك مسئولية مهمة مشتركة بين المسجد والاسرة والمدرسة والجامعة ووسائل الاعلام ليؤدى كل دوره التربوى فى المجتمع صلاحا واصلاحا والله المسئول ان ينصر دينه ويعلى كلمته ويحفظنا والمسلمين من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن انه خير مسئول واكرم مامول. وبين فضيلته أن من صام حقا وقام لله صدقا رق قلبه ولان طبعه وحلقت فى مدارات الطهر روحه وارهفت احاسيسه وجاشت بالبذل نفسه وفاضت بالعطاء كفه فاغتنموا وفقكم الله هذا الشهر الكريم للاستجابة لثالث اركان الدين الا وهو الزكاة فانما هى قرينة الصلاة فى كتاب الله وهى فى المجتمع لعمر الحق مواساة وتراحم وتلاحم ونماء لاجباية واعنات وعناء (خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) الا فجودوا ايها الكرماء النبلاء مما افاض الله عليكم وابسطوا الايادى بالنوال والعطاء لتبددوا بذلك هموم المدينين وغموم المعسرين وعوز المحتاجين وخصاصة المكروبين ولتفوزوا باغلى المنن مرضاة رب العالمين وقد وعد سبحانه المنفقين بالخلف الجزيل فقال عز من قائل (وما انفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) يذكر بذلك ايها الاحبة قى الوقت الذى اشتدت فيه الحملات الضارية على امتنا وشوهت فيه الاعمال الخيرية والاغاثية مما لا ينبغى ان يفت فى الاعضاد ولا يثبط الهمم والعزائم ولكن ليكن ذلك تحت مظلة مأمونة وجهات موثوقة وان لكم فى التنافس فى الخير والتسابق اليه اسوة حسنة فى نبيكم صلى الله عليه وسلم حيث كان اجود الناس وكان اجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القران كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل عليه السلام اجود بالخير من الريح المرسلة. وفى المدينةالمنورة تحدث امام وخطيب المسجد النبوى الشريف فضيلة الشيخ عبدالبارى الثبيتى عن فضل الصدقة وادابها وقال فى خطبة الجمعة أمس: فى هذه الحياة الدنيا متاعب وأعباء وفقر وأحداث جسام والانسان لا غنى له عن أخيه يشد عضده ويقوى عزيمته ويخفف شدته ويفرج كربه طمعا فى الآخرة وطلبا للفضل وبهذا يقوم المجتمع على أسس قوية وقواعد متينة فى نظام من التكافل والتعاون 0 وبين أن من أبرز صور التكافل صدقة التطوع التى هى دليل صدق الايمان قال صلى الله عليه وسلم (والصدقة برهان) أخرجه مسلم وقال انها رقة القلب والرحمة الفياضة التى تدفع المسلم لاسداء المعروف واغاثة الملهوف ومعاونة المحتاج والبر بالفقراء والمساكين والعطف على الارامل ومسح دموع اليتامى والاحسان اليهم وادخال السرور على نفوسهم.. قال تعالى: (ان المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم) أى حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطى بأنه يقرض الغنى الحميد وأنه يتعامل مع مالك الملك وأن ما ينفقه يخلف عليه مضاعفا وله بعد ذلك كله أجر كريم. قال تعالى: (وما أنفقتم من شىء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) قال المفسرون: يخلف عليكم فى الدنيا بالبدل وفي الآخرة بالجزاء والثواب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم يصبح العباد فيه الا ملكان ينزلان فيقول أحدهم اللهم اعط منفقا خلفا ويقول الاخر اللهم أعط ممسكا تلفا) أخرجه البخارى ومسلم. وأضاف قائلا: ان الصدقة متممة للفريضة كما جاء فى حديث أبى هريرة وفيه (فان انتقص فى فريضته شيئا قال الرب عز وجل انظروا هل لعبدى من تطوع فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك) أخرجه الترمذي. وأوضح فضيلته أن الصدقة سبب لحب الرب كما جاء فى الحديث القدسى (ولايزال عبدى يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) أخرجه البخارى وهى كفارة للذنوب والخطايا كما جاء فى حديث حذيفة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (فتنة الرجل فى أهله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والمعروف) أخرجه البخاري. وقال: اذا حشر الناس يوم القيامة واشتد الكرب ودنت الشمس من رؤوس الخلائق فان المتصدقين يتفيئون فى ظل العرش كما ثبت فى الحديث (سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله) وذكر منهم ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه رواه البخاري. ومن فضلها أنها تربى لصاحبها حتى تكون كالجبل فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله الا الطيب وان الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربى أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل) أخرجه البخاري. ومن فضلها أنها تطفىء الخطيئة وغضب الرب كما جاء فى حديث معاذ الطويل وغيره فى قوله: (الا أدلك على أبواب الخير الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار) أخرجه الترمذى وابن ماجة وفى الحديث (صدقة السر تطفىء غضب الرب) أخرجه الطبرانى فى حديث أبى أمامة. وأفاد أن الصدقة تقى صاحبها من النار عن عدى بن حاتم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتقوا النار ولو بشق تمرة متفق عليه.. الصدقة تطهر النفوس وتزكيها قال تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها).