تعني كلمة (بينالي) المعرض الذي يقام كل عامين وهي كلمة مشتقة من اللغة اليونانية القديمة.. واشهر هذه البيناليات بينالي فينيسيا الذي حاز على مكانة دولية هامة منذ انشائه كذا بينالي ساباولو وفي القاهرة يقام بينالي كما في الاسكندرية والذي يضم دول حوض البحر المتوسط. كانت الدورة الاولى من بينالي الاسكندرية عام 1955 تحت رعاية حسين صبحي راعي الفنون في الاسكندرية ومدير بلديتها في ذلك الوقت وظل مستمرا حتى الان يقام بمتحف الفنون الجميلة بمحرم بك عدا بعض الدورات التي تأخر موعدها واهتمت العديد من دول حوض البحر المتوسط بالتواجد في البينالي باعتباره احد الملتقيات الفنية الهامة على خريطة الفن التشكيلي وقد حمل البينالي على عاتقه منذ دورته الاولى ان يقدم الجديد في الفكر والتقنية والفلسفة. وفي الدورة الحالية الثانية والعشرين من بينالي الاسكندرية تحت عنوان (مسافرو الازمان) تكونت لجنة التحكيم من سبعة اعضاء هم مارك ادواردز من جنوب افريقيا رئيسا واحمد عبد العال من السودان وجون بيتز نيلسون من السويد وزياد حداد من الاردن وكاميلا كابور من الهند وكاتارينا روسناكوفا من سلوفاكيا وطارق زبادي من مصر اعضاء. كما اقيم جناح خاص بأتيليه الاسكندرية لضيوف الشرف وهم عفت ناجي وصلاح طاهر من مصر ورنيا توبرو سكاليا من ايطاليا والفنانة عفت ناجي (1905 1994) مواليد محرم بك بالاسكندرية وتلقت دروسا في الرسم والموسيقى واللغة الفرنسية ورسمت اول لوحاتها عام 1925 بعدها سافرت الى ايطاليا ثم باريس وعندما عادت ركزت عملها في الرسم وتزوجت من سعد الخادم وتعاونا معا في العديد من بحوث الفنون الشعبية وتعد عفت ناجي احدى رائدات فن التصوير المصري الحديث وسجلت بريشتها عالم السد العالي والشعبيات والنوبة بخامات التصوير الزيتي والكولاج والمجسمات وكان شقيقها الفنان الراحل محمد ناجي (1888 1956) احد رواد فن التصوير المصري الحديث ومؤسس اتيليه الاسكندريةوالقاهرة والموجه الاساسي لموهبة شقيقته عفت ناجي وتتميز رؤيتها بالتنوع والثراء في اساليبها. ويعتبر الفنان صالح طاهر المولود عام 1911 صاحب رحلة طويلة وشاقة مابين الوظائف الادارية والابداع الفني. فقد استلهم في اعماله المناظر الطبيعية وسافر الى ايطاليا عام 1952 ثم عين بعدها مديرا لمتحف الفن الحديث بالقاهرة. وفي عام 1960 حصل على جائزة (جوجنها) العالمية بعدها بعام واحد حصل على جائزة التصوير الاولى في بينالي الاسكندرية الدولي انجز صالح طاهر مجموعة كبيرة من الجداريات الضخمة بمبنى الاهرام بالقاهرة. اما الفنان الايطالي ريناتو بروسكاليا فهو مواليد اوربينو عام 1921 وتوفي في يولونيا عام 1999 وتتلمذ على يد ليوناردو كاستيللاني وتولى ادارة المعهد في اوربينو ثم اصبح بعد ذلك استاذا لتدريس الطبعة الفنية وساهم في انشاء الدورة الدولية الصيفية للحفر في اوربينو حيث تم تسجيل العديد من الفنانين وذوي الشهرة العالمية في تلك الدورات وله اعمال متحفية عديدة في متاحف الفن الحديث في مدن عدة ايطالية. وفي استعراض لبعض الاعمال الهامة التي عرضت في بينالي هذا العام نتوقف عند جناح اسبانيا الذي يحتل مكان الصدارة في البينالي بتجدده الدائم فيما يقدمه ففي كل دورة نجد الاعمال الفنية الاسبانية المقدمة للبينالي تحمل افكارا جديدة وقيمة وفي هذه الدورة كان الفنان جارثيا دي كوباس لافتا للنظر بما قدمه فقد انتقى (عين) الانسان وقام بتصويرها جيدا ثم كبرها على مساحات كبيرة وطبعها على خامة ما يسمى ب (فيلكس) وهي مسطحات كالقماش تتسم بسطح مغطى بالمشمع فهو بذلك التقط الفكرة ووظفها جيدا واحدث للمشاهد في اول الامر الصدمة الجميلة وقد عرض العديد من هذه اللوحات في الصالة المخصصة لاسبانيا وقدمت اريسيفيتا لوحتين من الطباعة بطريقة الباتيك كانت الزهرة في كل لوحة هي البطل. وفي جناح البوسنة قدم 13 فنانا اعمالا متنوعة مابين التصوير والجرافيك والنحت والتجهيز في الفراغ وما يستلفت النظر في هذا الجناح ان عامل الابتكار الذي يلهث وراءه الفنان قد اصاب البعض منهم بالخضوع للتكرار وذلك لان عالم الابتكار في هذه المجالات يكاد يكون قد نفذ. وعلى الرغم من طباعة اعمال فناني الجزائر في الكتالوج الخاص بالبينالي الا ان الاعمال لم تصل للاسكندرية وكان السبب في ذلك وفق تصريح د.احمد نوار رئيس اللجنة العليا للبينالي ان الجزائر قد اصابها زلزال كان سببا في عدم سفر الاعمال الى الاسكندرية وان كان قداكد د. نوار على ان المؤسسات الاهلية او الحكومية في بعض البلاد العربية قد وجهنا لها عتابا على هذا التقصير فالاهتمام بالمشاركة في البينالي ليس تمثيلا شكليا وانما هو تواصل للحضارات اما فنانو المغرب المشاركون في البينالي فلم ترد اعمالهم في الموعد المحدد لكنها وصلت بعد الموعد المحدد. واشترك من ايطاليا اربعة فنانين هم ايروس بوناميني وبياجيو باتيتشينو وكلوديو بيري وموريزيو ديانا. يهتم بوناميني بمفهوم الوقت الفني فقد بدأ مرحلة التجريب باستخدام عنصر الزيت في التصوير الفني تلاها مرحلة استخدام المنسوجات المتشربة بالماء مع استخدام الاحبار في عمليات صبغ فنية وفي مرحلته الاخيرة كون من ارموز الاولى في القراءات الفنية اشكاله معتمدا على استخدام الون الابيض والرمادي والاسود. لكن موريزيو ديانا بدأ فن الرسم في روما عام 1960 وبدأ المشاركة بأعماله في باريس حيث كون مع زميليه ديجو ودي بارتولو ما يشبه الجماعة الفنية بعمل المسابقات والمنافسات وفي فترة الثمانينيات وضع مفهومه الايديولوجي الفني عن المضمون والحضور الانساني. وفي جناح تركيا اشترك 19 فنانا وفنانة تنوعت اعمالهن بين التصوير الزيتي والضوئي والرسم والجرافيك وقد تميز الجناح بأعمال الفنانة هايتس بيشينسيلير في الحفر الملون والفنان ماهموت وازتورك الذي تخرج في جامعة غازي 1982 في الحفر الملون ايضا. لم تشارك تونس ولبنان والبانيا في هذه الدورة الامر الذي اسبغ ضعفا في المشاهدة للبينالي هذه الدورة. شاركت سويا بفنانين هما احسان شعبان صطوف الذي قدم عملا تصويريا ذا ابعاد ورموز تجريدية على ارضية خشنة ومأمون محمد بوشي عرض تصويرا يتميز بالالوان المتداخلة القريبة كما شاركت صربيا بأربعة فنانين ابرزهم بيجوفيتش بافل وضم جناح فرنسا ثلاثة فنانين لم يحققوا الرؤية المتكاملة كما تعودنا منهم وشاركت فلسطين بخمسة فنانين اجتهد فيهم الفنان احمد اسماعيل عيسى باعمال تحمل الفكر والفلسفة الفلسطينية في قالب تشكيلي بطريقة الكولاج. وقدمت قبرص ثلاثة فنانين بأعمال لا ترقى لمستوى المشاهدة كما شاركت كرواتيا بفنانين وليبيا بأربعة فنانين ومصر 13 فنانا ابرزهم مصطفى عبدالوهاب واحمد رجب صقر وحازم عبدالخالق. وكان على هامش البنيالي انشطة اخرى اتسمت بالجدية والاهمية فمنها ورشة العمل لرسوم الاطفال الذي اشترك فيها حوالي ثلاثون طفلا استمرت الورشة شهرين تحت مسمى (مسافرو الازمان) واشرف عليها الفنان عصمت داوستاشي كما كانت هناك ورشة اخرى للتشكيل بالمعادن اشترك فيها ثمانية فنانين اشرف عليها الفنان احمد سطوحي والورشة الثالثة لفن الجرافيك والسلك سكرين واشرف عليها د.سعيد حداية.