تستعد أوروبا التي تهزها الازمة والقلق لاحياء ذكرى مرور 100 عام على اندلاع الحرب العالمية الاولى، التي كانت واحدة من أسوأ الكوارث في تاريخها، وما زال العالم بأسره يحمل آثارها الى اليوم. وكانت طرحت، خصوصا في فرنسا، فكرة احياء الذكرى في 2014 دوليا في سراييفو، حيث شكل اغتيال ولي العهد النمساوي الارشيدوق فرنسوا فرديناند، بيد الصربي البوسني القومي غافريلو برانسيب، الشرارة التي اشعلت الحرب. لكن تم التخلي عن هذه الفكرة بسرعة بسبب غياب التوافق. ولن تنظم سوى "بعض المناسبات الثقافية" الاوروبية في يونيو في العاصمة البوسنية، حيث ما زالت مختلف المجموعات منقسمة في قراءة ذلك الاعتداء. وكما يجري تقليديا، نقلت مراسم احياء الذكرى السياسية الى بلدين كانا ميدان المعارك على الجبهة الغربية، وهما فرنسا - حيث دعيت "وفود" من الدول المتحاربة السابقة الى "تظاهرة كبرى من اجل السلام" يوم العيد الوطني في 14 يوليو-, وبلجيكا التي اجتاحتها القوات الالمانية في اليوم الاول من الحرب في الثالث من اغسطس 1914. وسيحيي الرئيس الالماني يواخيم غاوك في الثالث من اغسطس في فرنسا "بتأمل وحزن" مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند ذكرى اندلاع النزاع. وفي اليوم التالي ستنظم في بلجيكا مراسم المانية بريطانية. وقال المؤرخ جون هورن الاستاذ في جامعة دبلن والخبير الدولي في الحربين العالميتين انه بعد قرن من الحرب العالمية الاولى ما زال الاوروبيون "يفكرون بهذا الحدث الذي تجاوز الحدود بذاكراتهم الوطنية". وطال هذا النزاع الذي اعتبر اول "حرب كونية" في التاريخ، نصف سكان العالم. وخلال 52 شهرا، قتل حوالى عشرة ملايين شخص وجرح عشرون مليونا آخرون في ميادين القتال، الى جانب ملايين الضحايا من المدنيين الذين خضعوا للاحتلال وضربتهم مجاعات او تم تهجيرهم بينهم مليون ارمني طالتهم مجازر منهجية على يد الاتراك. وزالت أربع امبراطوريات كبرى, هي الروسية والالمانية والنمساوية المجرية والعثمانية, في دوامة هذا النزاع الذي أدى الى رسم خريطة سياسية جديدة للعالم مع ظهور عشرات الدول الجديدة والايديولوجيات، من الشيوعية الى الفاشية والنازية ومكافحة الاستعمار والتيارات الداعية الى السلام.. التي طغت صداماتها مع الديمقراطيات الغربية المنتصرة على العلاقات الدولية لعقود. من جهتها, أكدت روسيا برئاسة فلاديمير بوتين نيتها اعطاء مكانة كبيرة لذكرى نزاع "تم نسيانه ظلما" خلال سبعين عاما في عهد النظام السوفيتي الذي "خان المصالح القومية" باستسلامه لالمانيا في 1917. ولم تبد المانيا وإيطاليا حتى الآن ومعظم دول اوروبا الوسطى حماسا لهذه الذكرى التي تحمل معاني متضاربة جدا لديها.