لقد كان للشاعر والكاتب المسرحي والروائي الألماني يوحنا فولفجانج فون جوته في كتابه ( أسلوب الشخص رمانة ميزان علاقته الاجتماعية) تأثير كبير على التفكير في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين. قال جوته: لقد خلصت إلى نتيجة مرعبة هي أنني أنا العنصر الحاسم. فأسلوبي الشخصي هو الذي يوجد المناخ. ومزاجي اليومي هو الذي يتحكم في درجة حرارة الجو. إنني أمتلك قوة هائلة لإضفاء البؤس أو المرح على حياتي. بوسعي أن أكون أداة تعذيب أو منبع إلهام. بوسعي أن أذل أو أكرم؛ وبوسعي أن أؤذى أو أشفى. في كل الحالات، فإن رد فعلي هو الذي يقرر تصعيد الأزمة من عدمه أو أن أخلع الصفة البشرية على شخص ما أو أجرده منها. وقال: إذا عاملنا الناس على ما هم عليه، فإننا نجعلهم يتجهون إلى الأسوأ، وإذا عاملناهم كما ينبغي لهم أن يعاملوا، فإننا نساعدهم على أن يصبحوا على الصورة التي يمكنهم أن يكونوا عليها. ولنراجع بعض الأمثلة على القوة التي يستخدمها كل منا. مصادر القوة التي نملك: أن نداوي أو نجرح من المحزن أن يرى المرء في مجتمعنا أناسًا كثيرين لديهم الرغبة في القتل أو التشويه. علينا أن ننتبه جيدًا، حتى لا نستخدم قوتنا في إيذاء الآخرين. بل علينا أن نعمل- دائمًا- على مداواة جروح الآخرين وآلامهم. أن نبني أو نهدم لدينا قدرة عجيبة على بناء الآخرين ومساعدتهم؛ خاصة بالكلمات. وكذلك فإن كلماتنا يمكن أن تهدمهم. إن الكلمة الطيبة صدقة والدين النصيحة. إن مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. وجليس الخير مثل حامل الطيب وجليس السوء مثل نافخ الكير. وعثرات اللسان لها آثار وخيمة. وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم؟!!. أن نُكَّرِّم أو أن نتجاهل قال إبيقور في القرن الثالث قبل الميلاد: إن تكريم الشخص الحكيم من صنائع المعروف لمن يكرمونه. فالإطراء على موظف أجاد عمله يعود بفوائد جمة على الشركة. ونحن نملك- أيضًا- القدرة على تجاهل الأداء الممتاز، إن فعلنا، فسنتكبد خسارة كبيرة. أن نغفر ونصفح أو أن نسعى إلى توقيع العقاب كتب المؤلف سكوت فيتزجيرالد يقول: إن النسيان مغفرة وصفح . حين نقصر عن أداء ما هو متوقع، فإن العفو يبدو نعمة. ولكننا في بعض الأحايين ننسى أن نغفر. الصفح الحقيقي يتناسى الإساءة ويفتح الأبواب أمام علاقات أكثر قوة وقيمة. دعم الآخرين أو التخلي عنهم يتمثل التوظيف الإيجابي للقوة في دعمنا للآخرين سواء على مستوى الدعم المادي أو الروحي. وحين ننسحب ولا ندعم الآخرين، فإننا نضعف من أنفسنا. نحن في حاجة إلى بناء علاقات. فحين يحاول الأب تفهم مشاكل ابنه- مثلا- فإنه يتفادى التفكك الأسري الذي قد تبتلي به هذه الأسرة؛ جراء فشل هذا الابن أو انحرافه بسبب تخلي الأب عنه. أن شجع ونشحذ الهمم أو نثبط العزيمة ونوهن الهمم ثمة قوة جبارة في صوتنا، وفي كلامنا وتعبيراتنا، وفي كلماتنا المكتوبة. يمكن أن نستغل هذا النوع من القوة في تعزيز الأفراد والأسر والمنظمات والمجتمع بأسره. إن الاستعانة بالقوة في تثبيط همم الآخرين يحرم الطرفين - من يشجع ومن يتشجع- من المرح والسعادة التي يجلبها التشجيع. الإيثار أو الأنانية حين نستعمل قوتنا في سبر أغوارنا، فإننا نتبنى فلسفات ترضي فينا الأنا وتلبي حاجاتنا. ومع أن مدافعة النفس، من أجل أن تتحلى بالايثار أمر صعب إلا أنه يستحق المحاولة. وإنء فعلنا، ستكون الجوائز رائعة. التعاون مع الآخرين أو العمل منفردين المثل السائر يقول لا خاب من استشار. وعندما يتعاون شخصان فإن أحدهما يقيل الآخر من عثرته. لكن الويل ثم الويل لمن يسير وحيدًا ولا يجد من يرشده. وفي الحديث أن يد الله مع الجماعة. الإضافة أو الانتقاص ثمة طرق كثيرة للقيام بالمساهمة. فبوسعنا أن نستخدم كل مواردنا المالية والعقلية والبدنية. وبوسعنا أن نستفيد من وقتنا. إن الاستخدام الحكيم للوقت هو في الوقت نفسه استخدام حكيم للقوة. إننا نسرق الآخرين حين لا نبذل جهدًا إضافيًّا لمساعدتهم. رؤية الأمور من منظور إيجابي أو من منظور سلبي لدينا القوة لرؤية الجانب الخيِّر في الناس وفي موقف ما. إن رؤية تجاربنا من منظور إيجابي يعزز إمكانات النجاح. وإذا بدا أننا يائسون أو اعترانا هذا الإحساس، فإننا نثبط من عزيمتنا ونقلل من فرص نجاحنا. فحينئذ تسير الأمور من سيئ لأسوأ. لكن التفاؤل يفسح المجال أمام مستقبل ناجح.