«لا تكن أسيرا لجوالك»، حملة أطلقها عدد من شباب الاعلام في المنطقة الشرقية، هدفها الحد من الآثار السلبية لاستخدام الهاتف الجوال، خاصة آثاره في زيادة الحوادث المرورية والمشاكل الأخلاقية والاجتماعية. وقد لاقت هذه الحملة تفاعلا وتجاوبا كبيرا من العديد من الجهات الحكومية والخاصة والجامعات والشركات، كما لقيت تفاعلا ودعما عبر تويتر. وعلى الرغم من الآثار الكبيرة الإيجابية للهاتف الجوال والتي لا يمكن لأحد منا أن ينكرها، إلا أننا نورد هنا بعض الآثار السلبية التي تتوخى الحملة معالجتها، ونوجزها في عدة نقاط: هذه الحملة يقترح أن تمتد لتكون أكثر عمقا، وتقوم على دراسات وأبحاث عميقة، تساعد في كبح جماح الآثار السلبية للأجهزة، وتوجيهها إلى الطريق الصحيح، ومن وسائل ذلك التعاون مع أقسام علوم النفس والاجتماع في الجامعات، خاصة بعد تأكد تأثيره السلبي في التفكك الأسري والجنوح الفردي، وما يسمى «الطلاق غير المعلن بين الزوجين»، وزيادة مصروفات الأسرة، والحد من دور الأسرة والمدرسة في تربية النشء، وانتشار ظاهرة العنف والنزوات الشخصية، والعزوف عن المساجد وحضور المناسبات الأسرية والاجتماعية، والتسبب في زيادة النمط الاستهلاكي للمستخدمين بسبب الاطلاع على كم هائل من حملات الترويج والاعلام من خلال الهاتف الجوال. يدعو بعض الفلاسفة في الغرب إلى أهمية وجود ما يسمى بعلماء أخلاقيات التكنولوجيا، يعملون على التوفيق بين التكنولوجيا من جهة والمجتمع والأخلاق من جهة أخرى، وتنمية التفاعل الإيجابي بينها؛ للحد من ظاهرة الاستلاب الأخلاقي والاجتماعي الذي تقوم به التكنولوجيا، ويطلقون على ذلك الهندسة الأخلاقية، والتي تتوخى اصدار العديد من المعايير والقواعد والقوانين التنظيمية للتكنولوجيا؛ لجعلها متوائمة مع المجتمع. بعض العلماء والباحثين في الغرب يطلق على الجوال المتهم الذي لم تثبت إدانته، بعد أن أشارت العديد من التقارير إلى إمكانية تسببه بأمراض سرطان المخ والدم خاصة للأطفال، وإحداث تغيرات كبيرة في الدماغ تسبب آثارا سلبية في عمليات التفكير والتحصيل العلمي، والتعدي على خصوصية الناس ونشر صورهم وتبادل المواقع ومشاركات غير لائقة بدون التأكد من دقتها وصحتها ونشر الشائعات، فقد التوازن والوصول لمرض الارتباك النفسي والذي يعيق عن اتخاذ القرارات الصحيحة، والانفصال عن المجتمع والعيش في حدود ضيقة تتعلق بالنزوات الشخصية وتفشي النمط السطحي في التعامل مع الحياة من حولنا والتسرع في تقديم الحلول والآراء، زيادة السلوك العدواني. «الهاتف الجوال» رواية للكاتب الأمريكي ستيفن كنغ ملخصها محاولة بعض الشباب التصدي لظاهرة غريبة سماها ظاهرة «النبضة»، وهي عبارة عن فيروس ينتقل عبر الهاتف الجوال، يؤثر على الكثير من المستخدمين الذين يتحولون إلى مخلوقات غريبة ومتوحشة بسبب التحكم فيهم من بعد عن طريق الهاتف الجوال. أخيرا، علينا الوعي بأن المعلومات مثل الملح في الطعام، إذا كثرت تصيب بالمرض والتخمة، مما يتوجب علينا التحكم فيها بطريقة تفيدنا، وعلينا التركيز على ما يسمى بالتربية المستقبلية المتعقلة، والتي تفيد في عقلنة التعامل مع أجهزة التكنولوجيا التي تتسارع باستمرار، مع أهمية أن يكون المستخدم ذا حس نقدي يمكنه من التعامل مع الأفكار وتقويمها وتمحيصها والرد على الضار منها، بدلا من ان يكون مستخدما لها، مما يحتم علينا الانتقال من التربية التلقينية إلى التربية الإبداعية، خاصة ان السمة العامة لوسائل الاتصال الحديثة قامت على قيم ومعايير تعزز الاستهلاك والنزوع للفردية والخصوصية الشخصية.