يستعمل الكابتن جف ارديليان المنظار الليلي لمراقبة الشاطئ على امتداده، فيرى الكتلة القائمة المرقطة وهي تخرج من الزبد الابيض للامواج وتزحف على الرمال الرمادية. وتجر السلحفاة البحرية المحاطة بالظلام جسمها الثقيل بقوة زعنفيها الاماميين مسافة 15 مترا على الرمال، ثم تعتصر جسمها في كل مرة تضع ثلاث او اربع بيضات بيضاء وردية في حفرة رملية. انها ستضع ما يتراوح بين 75 و125 بيضة في النهاية وتغطيها بالرمال قبل ان تعود متثاقلة الى البحر. ومهمة الكابتن ارديليان هي التأكد من بقاء البيض في مكانه دون ان يزعجه احد الى ان يحين موعد تفقيسه. انه يقود فريقا مؤلفا من 18 من مفتشي الحياة البرية الذين يقومون بدوريات على سواحل فلوريدا الجنوبية الشرقية بحثا عن صيادي بيض السلاحف. ويقول ارديليان: انك تشعر بالرضا بعد ان تراقب السلحفاة تتحمل كل هذه المشقة من اجل ان تأتي لوضع البيض. ان كافة الانواع الخمسة للسلاحف البحرية في فلوريدا موضوعة تحت الحماية، والنوع المعروف باسم السلحفاة ذات الرأس الضخم (Loggerhead) مهددة بالانقراض. والشاطئ الذي وضعت فيه السلحفاة بيضها الليلة هي البقعة الاكثر تعرضا لغزوات صيادي البيوض. ويؤكل البيض الذي يعتبره بعض مجتمعات الكاريبي مقويا للرغبة الجنسية نيئا او مسلوق قليلا مع الملح والفلفل الاحمر. وفي كل مكان قريب من الشاطئ يوجد سوقان اسودان لبيض السلاحف. احدهما في ريفييرا بيتش والثاني في وست بالم بيتش على بعد خمسة اميال الى الجنوب. ويغرز الصيادون عيدان او قصب صيد الاسماك في الرمل، واذا كان هناك صفار بيض على طرفها عندما يخرجونها يعني ذلك ان ثمة عشا جديدا للبيض فيحفر الصياد لاخراج البيض ويعبئه في اكياس لبيعه للتجار مقابل 50 سنتا للبيضة الواحدة ويبيع التاجر البيضة الواحدة بدوره مقابل اربعة دولارات للزبائن. وينص قانون جديد في فلوريدا على توجيه تهمة جنائية لكل صياد يقبض عليه وبحوزته 12 بيضة او اكثر عقوبتها غرامة مالية قيمتها خمسة الاف دولار والسجن حتى خمس سنوات. ليلة واحدة في الاسبوع يبدأ ارديليان دوريته بوضع بطاريات جديدة في منظاره الليلي الذي يبلغ سعره سبعة الآف دولار، ويضع المنظار على المقعد الخلفي لسيارته الى جانب ادوات تعقب الصيادين الاخرى، مثل المصباح والاصفاد ودواء الرش لمكافحة الحشرات. ويتوجه ارديليان بسيارته الى (المناطق الساخنة) التي تتضمن سياجا بالاسلاك الشائكة في حديقة دون ماكاثر البحرية، والى الزاوية الخلفية لموقف سيارات حيث رفع الصيادون السياج ليتسللوا بسرعة الى الشاطئ. ولمراقبة نشاط سارقي البيض يربط الضباط خيوطا بين العواميد ويضعون ويسندون قضبانا الى السياج بطريقة تسهل وقوعها او تتكسر فتنبه الضباط عندما يستخدم السارقون هذا المدخل. في الليلة السابقة انقطعت الخيوط في سياج الحديقة البحرية، مما يعني بالنسبة لارديليان ان السارقين بدأوا ينشطون. اما هذه الليلة، لم يعبث احد حتى هذه الساعة بالمداخل المعلمة. ويتجه ارديليان الى قسم اخر من الشاطئ ليقابل اثنين من رجال دوريته المحقق كين هانا والضابط جاستن ألن. انهما يراقبان الشاطئ الرملي مستعملين المنظار الليلي. هنا تبدو الرمال انها تحمل علامات تلبد كل سبعة امتار ابتداء من حافة الماء، مما يعني ان سلحفاة قد جرت نفسها الى الشاطئ. غير ان النشاط المشبوه الوحيد الذي يلاحظه هانا وألن فرخ سلحفاة حديث التفقيس يكاد يصطدم بقدم ألن وهو مسرع نحو الماء ويساعد ألن الفرخ الصغير على العثور على احداثياته في اتجاه البحر. وقبيل انتهاء دوامهما في الساعة الخامسة فجرا بعد ست ساعات من السهر يتفقد هانا وألن النقاط الساخنة على السياج للمرة الاخيرة. هذه المرة يظهر لهما ان البوابة على سياج الأسلاك الشائكة قد فتحت. وهناك رجلان في الجانب الاخر. وبالقرب منهما هناك كيس قد يحتوي على بيوض مسروقة من عشين او ثلاثة اعشاش. احد الرجلين معروف تماما عند الضابطين. انه برودوس بيتركاين، الملقب (بوبيب) الذي سبق وان ادين بجمع 279 بيضة سلاحف في العام 1980، ثم ادين بسرقة سيارة اثناء فراره من ضباط الحياة البرية الذين كانوا يلاحقونه للاشتباه بانه يمارس سرقة البيض في العام 2000. وقد امضى في السجن اربعة اشهر بعد ان اعترف بالتهمة الموجهة اليه. ويدعي بيتر كاين والرجل الاخر، كارل كوب، انهما كانا ينويان صيد الاسماك، وانه لو كانت البوابة تحمل علامة تدل على انها تابعة للحديقة لما فتحاها. ولم يعثر افراد الدورية على أي بيض، لذلك يحرران لهما مخالفة لوجودهما داخل حديقة عامة في ساعات الاغلاق، والدخول الى الحديقة من مدخل ممنوع والتهمتان هما جنحة ومع ذلك سيتوجب على الرجلين المثول امام المحكمة. ويصاب ارديليان ورجاله بشيء من الخيبة لعدم تمكنهما من اعتقال الرجلين بتهمة سرقة البيض، ولكن حسبهما انهما ساعدا على انقاذ مئات السلاحف المحمية هذه الليلة.