الحملات التي تشنها العصابات في مواقع العراقيين السنيين تسببت فى تمرد سياسي داخل الولاياتالمتحدة وخارجها . الدليل ان كثيرا من مثيري الجدل الذين ناقشوا مسألة الذهاب للحرب في العراق ضمن حركات عدائية تجاه الرئيس بوش ، شجعهم انتظام الهجمات على القوات الأمريكية وتصاعد التحديات التي يتعرض لها الرئيس بوش داخل البيت الأبيض على نقد الحرب في الداخل و الخارج لدرجة الظن ان بإمكانهم السيطرة على العمليات العسكرية للإدارة الامريكية هناك .. وربما السيطرة على الإدارة نفسها . المهم انه لايجب ألا ينخدع الرئيس بوش بأي أوهام فمنحه فترة رئاسية جديدة لا يتم من خلال حكومات أجنبية أو شعوب أخرى . إنك إن تحدثت إلى فرنساوألمانيا وبريطانيا وروسيا فستدرك إن العديد من الأوروبيين ينتظرون أن تتوقف أمريكا عن عملياتها في العراق وتعود ادراجها لبلادها ومن ثم يمكن للعلاقات بين الولاياتالمتحدة والأوروبيين أن تعود كما هي من مودة كما كانت في مرحلة الحرب الباردة. ويقول أحد الأكاديميين الألمان عن الدرس الرئيسي الذي يجب أن يستفاد به من حرب العراق هو ما يجب أن تدركه واشنطن وهو انك يجب ان تخطط وتتعاون مع الآخرين في ظل القوانين المعترف بها . إن خوف بلاده القوي والمبرر من الحرب الباردة هو أمر جيد ومشروع .. إلا ان انتظار عودة الأوضاع كما كانت عليه في الحرب الباردة هي أمنية تافهة ولا تصلح كاستراتيجية للعلاقات الممتدة عبر الأطلسي . تلك العلاقات التي تبدو في الظاهر بأنها سليمة ومهذبة ولكنها في الحقيقة مليئة بالتردد والصراعات غير المحسومة حول حرب بوش على الإرهاب . إن الدول القوية المسيطرة في أوروبا لاتحتمل أن تبقى بلا دور وبلا صلة في العراق . وهناك لوم على الرئيس بوش بسبب التعارض بين الولاياتالمتحدة وأوروبا لأن معتقدات وسياسة الاستحواذ وحب السيطرة التي تتبعها الإدارة تجعل القادة الأجانب والشعوب الأخرى تبذل أقصى مساعيها للعمل على فشل بوش وأهدافه .. أو على الأقل إخفاقه في انتخابات 2004 . ولكي نصل نحن لمرحلة التأثير يجب أن نتبرأ من هذه السياسة الخارجية المعارضة لنا وألا تتكرر أي من معارك ما قبل الحرب داخل الأممالمتحدة مرة أخرى . إن القرار الذي أرادت الولاياتالمتحدة استصداره من مجلس الأمن بشأن معاونتها في العراق جاء بإيعاز من البنتاجون الذي أراد تجنب حدوث المزيد من الانقسامات السياسية المؤلمة وليتمكن من الحصول على قوات جديدة في العراق وليتم إحلال جنود جدد محل الموجودين منذ الخريف الماضي . الغريب ان التمرير السريع لمسودة القرار من قبل كولن باول ربما أوجدت نوعا من الانقسام متعدد الجنسية بشأن العراق وتجنب الدعوة لمجيء قوات جديدة في العراق . ووعدت فرنسا وروسيا بعدم استخدام الفيتو حيال هذا القرار ثم جعلت الامر صعبا امام باول لتأمين حصوله على الدعم بينما كافحت ألمانيا على الوصول لمرتبة متميزة لدى الرئيس بوش مع الحرص على المحافظة على حليفها الجديد فرنسا حيث حرصت على عدم تقديم الدعم . وفي نفس المساعي للحصول على تأييد عام انتقد عنان جهود باول مما ادى لمعارضة الكثيرين من الفريق الدولي للعمل داخل العراق حيث لا تزال الأممالمتحدة غير واثقة بشأن اتمامها ارتباطاتها السياسية السابقة في البلاد المتعلقة بالعقوبات والتفتيش على الأسلحة والبرنامج النووي . وسببت الرسالة التي جاءت على لسان عنان للفايننشال تايمز إلى اضعاف معنويات حتى المشتركين من ادارة بوش في العملية حيث قال " إننا نتمنى أن تكونوا بخير.. ونأمل ان تحققوا النجاح ، ولكننا نريد أن نحافظ على كمالنا حال فشلكم " .. بمعنى آخر إن المجتمع الدولي يقفز من السفينة .. ولا عجب ألا ينجح مشروع القرار في هذه الأجواء وفقد البنتاجون الاهتمام بإصدار هذا القرار ، واتجهت الاهتمامات للمؤتمر الذي سينعقد في مدريد 23 اكتوبر بشأن المعونات لاعادة البناء . ومن ثم على الادارة الأمريكية أن تغير استراتيجيتها للتغلب على المعارضات التي تواجهها داخل وخارج العراق .إن اشتراكها الحالي مع اليونسكو هو مثال يجب ان يحتذى فيما تحتاجه الولاياتالمتحدة تحديدا وتكوين حلف لاعادة البناء والتعاون الدولي لان ذلك سيساعد الولاياتالمتحدة في النجاح في مهمتها في العراق عاجلا أم اجلا . إن كلا من الانعزال الشديد الذي تعانيه الادارة الامريكية بين الدول الاخرى والأزمات التي تسببها حرب العصابات يجب ان يذكرها بالطريقة المثلى في التحرك وسط الأزمات وتتلخص في إنه عندما تجد نفسك في حفرة يجب ان تتوقف عن الحفر . واشنطن بوست