لعل الأهمية النفطية للوطن العربي ستزداد خلال السنوات المقبلة، ذلك لأن المنطقة تمتلك احتياطيا نفطيا يفوق 600 مليار برميل وهو أكثر من 60 في المائة من الاحتياطي العالمي. وبما إن الزيادة في الطلب العالمي مستمرة باطراد، فمن المتوقع أن يصل الطلب العالمي عام 2025 الى 120 مليون برميل يوميا أي بزيادة تصل الى 40 مليون برميل يوميا أو 50 في المائة من الاستهلاك العالمي في الوقت الحاضر. و من شأن ذلك أن يدفع الدول المنتجة والمستهلكة الى صياغة نوع جديد من التحالفات وبناء خارطة جديدة من العلاقات تضمن مصالحهم الخاصة كمنتجين من جانب ومستهلكين من جانب آخر . فالولايات المتحدة التي تشهد توقعات بارتفاع الطلب على البترول بواقع 50 في المائة ليصل الى 30 مليون برميل يوميا عام 2025، وهي أكبر دولة مستهلكة للبترول، أصبح من همها أن تعمل على صياغة أو تطويرعلاقات نفطية مع مختلف الدول المنتجة، لكي تضمن انسياب النفط لمنشآتها ضمن مختلف الظروف والاحوال ووفق اسعار مناسبة . لذلك أصبحنا نلحظ علاقات التقارب الامريكي الروسي في هذا الاطار، بقصد ضان تدفق النفط الروسي للولايات المتحدة، في الوقت الذي ترى فيه روسيا مصلحتها أيضا بتوطيد علاقتها مع المنتجين النفطيين لتضمن توازن الاسعار ومستوى العرض والطلب. في خضم هذا التضارب، يقول المحللون ان من شأن تعاون أوثق بين المملكة أبرز أعضاء أوبك وروسيا من خارج المنظمة، العمل على تعزيز جهود المنتجين للابقاء على ارتفاع الاسعار حتى على الرغم من ان موسكو تبدو بعيدة جدا الآن عن تخفيض امداداتها. في الوقت الذي فاجأ فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى زيارته الاخيرة لنيويورك الاميركيين بقوله ان روسيا قد تنضم لأوبك في خفض الصادرات اذا تعرضت أسعار النفط لضغوط غير مبررة، ويعلم بوتين ان انخفاض اسعار النفط سيثير اضطرابات كبيرة في اقتصاد بلاده المعتمد بدرجة كبيرة على الطاقة. ورغم ان روسيا ستبقي على تباعدها التقليدي عن أوبك الا ان ممثل موسكو في اجتماعات أوبك الاخيره أيد نطاقا سعريا يتراوح بين 22 و26 دولارا لخام اورال وهو اعلى من نطاق 20-25 دولارا الذي اشارت اليه روسيا من قبل وأقرب للنطاق السعري لسلة خامات أوبك. أن التفاهم الاوثق بين المملكة وروسيا سيعطي دعما معنويا للاسعار، الا أن الدور الاضعف الذي تعاني منه موسكو هو حاجتها الى الخبرات الاجنبية خاصة الاميركية لتطوير وزيادة انتاجها من النفط، اضافة الى انها بحاجة كبيرة لرأس المال الغربي في كل القطاعات النفطية (الانتاج والاستكشاف وجميع الصناعات الاخرى) والاهم هو الاستثمار في خطوط التمديد والتموين وموانئ التصدير. ولهذا السبب نجد التقارب الروسي الامريكي في مجال النفط، ولامريكا مصلحة نظرا لضخامة وتزايد استهلاكها من النفط الذي وصل الى ما يقارب 20 مليون برميل يوميا. وتتجه امريكا الى تنويع مصادر الاستيراد، لذا التزمت روسيا بزيادة حصتها في اسواق امريكا لتصل الى 10% بحلول عام 2010 اي ما عادل 1.5 مليون برميل في اليوم مقارنة بحصتها الحالية التي تقارب 300 الف برميل في اليوم. وستحاول روسيا مضاعفة انتاجها الحالي البالغ 4. 8 مليون برميل ليصل الى 10 ملايين برميل في عام 2010. وستحاول بقدر الامكان منافسة الدول المصدرة للنفط الاخرى من خلال زيادة حصتها في اسواق امريكا ومنافسة الدول الاخرى بكل قوة وثقل . ولكن يبقى القول أنه من الصعب التصور ان روسيا ستحاول اضعاف اسعار النفط او التأثير في الاسعار سلبا لانها بحاجة الى ايرادات كبيرة لاصلاح وتحسين البنية التحتية في كل القطاعات والمجالات.