الى حيث يمتد الافق شاسعا بلا نهاية رفعت طرفها .. ترمق السماء المتوهجة بحمرة الغروب .. وتشيع اسراب الطيور المهاجرة وهي تخترق قرص الشمس المودعة. ترنو لضياء القمر ونوره الخافت الذي يتحدى ظلمة الليل بما يستمده من ضوء.. تومض في اعماقها صور قديمة الى أعتاب الماضي البعيد.. فتطوف في مخيلتها ذكرى أحبة قد رحلوا .. طالتهم أيدي الغدر الحانقة.. واخترقت قلوبهم رصاصات حاقدة فسالت دماؤهم كنهر حزين راح يخط على جبين الزمن مأساة هي ليست الأولى ولن تكون الاخيرة. رحلوا وتركوها وحيدة تصارع الهم .. وتنسج لروحها المعذبة وشاحا أبديا من الحزن .. عرجوا بأرواحهم الى تلك العوالم المفعمة بالسعادة الخالدة في سماء الشهادة .. واحتضن التراب الطاهر الذي يفترش أرض القدس الحزينة اجسادهم .. وبقيت هي وحدها. قلبها النازف ينبض دما امتزج بالالم راح يسري في جسدها الذاوي سما ناقعا يقتلها كل لحظة الف مرة.. وانفاسها المتعبة تشهق مع الهواء آهات وتزفر معه انات موجعة.. تخاطب روحها المتشحة بالسواد ... تبثها حنينا وشوقا الى أولئك الذين لم يعد المنزل يضمهم واصبح خاويا دونهم .. وافتقدت زواياه صدى ضحكاتهم .. فاستحال الى منزل شبه مهجور يجثم عليه صمت ثقيل ويلفه ظلام دامس.. سافرت بعينيها نحو ذلك المدى السحيق .. تنظر بقلبها الملتهب بلوعة الفراق الى طيف أمها التي فارقتها دون أن تضمها لصدرها الدافئ وتمنحها بعضا من حنانها .. وتبحث عن والدها الذي رحل دون ان يطبع على جبينها قبلة الوداع كعادته كل صباح.. ويتراءى لها طيف أخيها وقد طفت على محياه ابتسامة وادعة تناغمت مع دموعها لحنا سرمديا اهتز على وتر الزمن جرحا غائرا في الاعماق الحرى ...فأسدلت جفنيها بقوة كي لا تنسل تلك الصورة الغالية من بين عينيها اللتين راحتا تستسلمان لنوم عميق... التوقيع: يتيمة فلسطينية ثناء علي القارة