تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- تنطلق بمشيئة الله تعالى في رحاب مكةالمكرمة اليوم الاثنين الثالث من شهر شعبان الجاري 1424ه الموافق للتاسع والعشرين من شهر سبتمبر 2003م فعاليات مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية في دورتها الخامسة والعشرين لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره التي تنظمها وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، وتستمر حتى الحادي عشر من الشهر نفسه. وصرح معالي وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بهذه المناسبة بان المسابقة بدورتها الحالية قد انقضى من عمرها ربع قرن من الزمان نتجت من خلالها معان جليلة من اهمها شدة التنافس والاقبال الكبير على كتاب الله الكريم بين ابناء المسلمين في شتى الاقطار، كما ساعدت على التآخي بين تلك الفئات وجمعتهم على صعيد واحد، وظهر لهم في واقع حي ومشاهد عظمة هذا الدين القويم الذي جمع الناس، والف بينهم على الرغم من اختلاف اللون والجنس واللغة والارض، مؤكدا معاليه ان المسابقة شهدت وستشهد ان شاء الله تعالى المزيد من التطوير والتجديد في برامجها واعمالها، لتحقيق غاياتها السامية. وقال معاليه: ان القرآن الكريم افضل الذكرلانه مشتمل على جميع الذكر من تهليل وتحميد وتسبيح وتمجيد وعلى الخوف والرجاء والدعاء والسؤال والامر بالتفكر في آياته، فقد جاءت النصوص في فضل القرآن الكريم متواترة في الكتاب والسنة، قال تعالى: (إن الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وقال ايضا عليه الصلاة والسلام: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) الحديث، مشيرا معاليه الى ان الله تعالى قد انزل القرآن الكريم كما اخبر في كتابه العزيز لغايتين لقوله تعالى: (كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب). واضاف معاليه: ان حكومة خادم الحرمين الشريفين ابتداء من مؤسسها تغمده الله برحمته ومن بعده ابناؤه البررة جعلوا خدمة القرآن الكريم اسمى الغايات وانبل الاهداف، وبذلوا لتحقيق تلك الغايات شتى الوسائل والسبل من مدارس ومعاهد وكليات للعناية بالقرآن الكريم وعلومه، اضافة الى ان مجمع الملك فهد لطباعة القرآن الكريم في المدينةالمنورة الذي امر بانشائه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ال سعود - حفظه الله - بارقى الوسائل لطباعة القرآن الكريم، ونشره وتوزيعه بين المسلمين في جميع انحاء العالم، وحفز الهمم عليه بالحفظ والعناية والتدبر. وبين معالي الشيخ صالح ال الشيخ ان كتاب الله تعالى صان الكليات الخمس الضرورية للحياة الانسانية، الدين، والنفس، والعرض، والمال، والعقل، ورتب عليها العقوبات المنصوصة التي تعرف في الفقه الاسلامي بالجنايات والحدود، وان القرآن دستور تشريعي كامل، يقيم الحياة الانسانية على افضل صورة وارقى مثال، وسيظل اعجازه التشريعي قرينا لاعجازه العلمي، واعجازه اللغوي الى الابد، ولا يستطيع احد ان ينكر انه احدث في العالم اثرا عظيما غير وجه التاريخ، وقد اختص الله تعالى هذا القرآن العظيم من بين سائر الكتب المنزلة، بانه تولى حفظه، قال تعالى :(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) حفظه الله تعالى من ان يزاد فيه باطل، او ينقص منه حق، قال تعالى: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). فلا يلحقه تحريف ولا تبديل، تم صدقا وعدلا، كما قال تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم). واوضح معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ انه معلوم ان العمل بالقرآن الكريم، واتباع هدية متوقفان على تدبر آياته، وفهم معانيه، ولهذا جاء الامر بتدبر القرآن الكريم، والحث على فهم معانيه، قال تعالى: (كتاب أنزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته) وقال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) ولهذا امر الله نبيه محمدا - صلى الله عليه وسلم ان يبين للناس ما نزل اليهم من الوحي، كما قال تعالى: (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون)، فبين الرسول صلى الله عليه وسلم ما امر ببيانه اتم البيان، وتلقى الصحابة هذا البيان والتفسير بمفهوم ثاقب وعقول واعية، وهم ارباب البلاغة والفصاحة، فكانوا لا يتجاوزون عشر آيات من كتاب الله تعالى الى غيرها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل، وعلى منهاج الرسول صلى الله عليه وسلم في التعليم، سار الصحابة رضي الله عنهم في تعليم تلاميذهم من التابعين، ثم تلقى تابعو التابعين هذا العلم العظيم، فكانت هذه الاجيال الثلاثة اعلم الناس بتلاوة القرآن، وافقههم لمرادات التنزيل، واعقلهم لمقاصد التأويل. واكد معاليه ان الامة الاسلامية في عصرنا الحاضر لن يعود اليها عزها ومجدها الا بالعودة الصادقة الى كتاب الله تعالى، وفهمه، والعمل به، وتحكيمه في جميع شؤون الحياة واقرب الطرق الى ذلك، هو تربية ناشئة الامة على مائدة القرآن الكريم، وتشجيعهم على الاقبال عليه، وحفظه وتجويده وفهمه، وتدبر معانيه، والتخلق باخلاقه، والعمل باحكامه، وقد اثبتت التجربة العملية ان من انفع وسائل التشجيع على ذلك اقامة المسابقات في حفظ القرآن الكريم، وتكريم الحفظة، ومنحهم الجوائز السنوية، ويأتي في مقدمة المسابقات القرآنية: مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتجويده وتفسيره، التي تقام في مكةالمكرمة، بجوار بيت الله العتيق، مما اكسبها تميزا فريدا، اضفى عليها رونقا وبهاء، حيث يحظى المتسابقون فيها، ومن يرافقهم باداء مناسك العمرة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه. وحث معالي الوزير الشيخ صالح ال الشيخ القائمين على الجمعيات والمؤسسات والهيئات المعنية بتعليم كتاب الله وحفظته على توخي الحذر من الحملات المغرضة التي يشنها اعداء الاسلام, وقال: ان الواجب علينا ان نعي اولا ضخامة ما يراد للاسلام ولحملته خاصة حملة القران وجمعيات تحفيظ القرآن من اضمحلال لها، فاذا وعينا ذلك عظمت المسؤولية على الجميع في ان نكون اولا محافظين على ما تحقق من انجازات، وثانيا: ان نكون على مستوى المسئولية لسد كل الثغرات التي قد يدخل منها الاعداء. واضاف معاليه قائلا: ان هذه البلاد المباركة تأسست على القرآن والسنة، وارتفعت فيها راية الكتاب والسنة، وانتشرت فيها مدارس تحفيظ القرآن الكريم منذ عقود من الزمن بدعم من ولاة الامر فيها لان حمل القرآن واشاعته اساس في تنشئة جيل يحمل مبادئ هذه الدولة - حرسها الله - وهذا يعظم علينا المسؤولية في معرفة الفضل لاهله، وفي ادراك ما علينا من واجبات تجاه حماية هذه الجمعيات التي لاشك ان الطموح لها اكبر من واقعها. وشكر معاليه المولى جل وعلا كثيرا على نعمه والائه، وقال: ان كل النعم من الله جل جلاله ابتداء وانتهاء، قال المولى عز وجل: (ومابكم من نعمة فمن الله) ومن حفظ القرآن الكريم فالنعمة من الله عليه لم يعمل شيئا لربه من جهة حفظه، وانما عمل لنفسه لما حفظ مخلصا لله جل وعلا والفضل لله تعالى اولا واخرا في كل متقلب نتقلبه، فالتيسير لحفظ القرآن او لاقامة الجمعيات، او لانشاء المعاهد او لاعداد الدورات او البرامج كل ذلك من الله سبحانه وتعالى ابتداء وانتهاء فله الحمد سبحانه وتعالى كثيرا كما اعطى كثيرا، وله جل وعلا الثناء الاعظم الاجل كفاء ما جعلنا في نعمه المتواترة، وآلائه المتتابعة. وختم معاليه تصريحه سائلا الله جل وعلا ان يوفق الجميع لما فيه رضاه، وان يجزي ولاة الامور عنا خير الجزاء، وان يجعلنا واياهم من المتعاونين على البر والتقوى وان يجزيهم خيرا، ويثيبهم برا واستدامة لما نحن فيه على ما بذلوا في هذا الدين، ودعموا هذه الجمعيات والمؤسسات الخيرية. ومن الجدير بالذكر ان المسابقة تتكون من خمسة فروع: الفرع الاول: حفظ القرآن الكريم كاملا مع التجويد وتفسير الجزء الحادي والعشرين منه، والثاني: حفظ القرآن الكريم كاملا مع التلاوة والتجويد، والثالث: حفظ عشرين جزءا متتالية مع التلاوة والتجويد، والرابع: حفظ عشرة اجزاء متتالية مع التلاوة والتجويد، والخامس: حفظ خمسة اجزاء متتالية مع التلاوة والتجويد، ويشترط ان يكون المتسابق حافظا للمطلوب في الفرع الذي يختاره مع التقيد باحكام القراءة واصولها، والالتزام بالرواية التي اختارها اثناء اجراء المسابقة، وان تكون لدى المتسابق بالفرع الاول القدرة على التفسير باللغة العربية الفصحى. ويتضمن البرنامج المكثف المصاحب لفعاليات المسابقة لقاء مع سمو امير منطقة مكةالمكرمة، وعددا من الزيارات لعدد من المؤسسات الاسلامية، والتعليمية والثقافية تشمل مصنع كسوة الكعبة المشرفة، ومتحف الحرمين الشريفين، ونادي مكة الثقافي الادبي، والجولات الاستطلاعية لمناطق المشاعر المقدسة، في مكةالمكرمة، كما يتضمن البرنامج المصاحب للمسابقة القيام بزيارة للمدينة المنورة، ولقاء سمو امير منطقة المدينةالمنورة، والقيام بجولة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وزيارة مكتبة الملك عبدالعزيز ومسجد قباء، والجامعة الاسلامية. وتم تكوين لجنة تحكيم للمسابقة من كل من: الدكتور حسن بن محمد باجودة، والشيخ ابراهيم بن الاخضر على القيم, والشيخ محمد مكي بن هداية الله عبدالتواب، والدكتور ابراهيم بن سليمان الهويمل، والدكتور ابراهيم سعيد الدوسري، والشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم، وحكام متخصصين من بعض الدول العربية والاسلامية، وهم الشيخ عيد سيد علي شرف من جمهورية مصر العربية، والشيخ رجب محمد عبدالسلام غيث من الجماهيرية الليبية، والشيخ عثمان بن احمد شاهين من تركيا، والشيخ حاج عبدالرشيد بن حاج محمد صالح من بروناي، والشيخ محمد نور الدين ولاية حسين من بنجلاديش، والشيخ القوني جبريل محمد بركة من تشاد، وتتفرع عن هذه اللجنة لجان توزع على الفروع حسبما تراه لجنة التحكيم، الى جانب ذلك اعتمدت الوزارة تقديم مكافأة مالية لكل متسابق حضر، واستمعت لجنة التحكيم اليه قدرها (500) ريال مع شريحة هاتف بقيمة خمسين ريالا، الى جانب الهدايا الاخرى المتمثلة في حقيبة تحمل شعار المسابقة وبداخلها جهاز تسجيل صغير، ومصحف جيب، ومصحف مرتل، وكتاب التفسير الميسر من انتاج مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف مع مجموعة مختارة من الكتيبات والشرائط التسجيلية المتنوعة. كما رصدت الوزارة جوائز مالية كبرى للفائزين الخمسة الاوائل من كل فرع توزع عليهم في الحفل الختامي للمسابقة بلغت قيمتها الاجمالية (888.000) ريال، حيث يحصل الفائز بالمركز الاول في الفرع الاول من المسابقة على جائزة قدرها (75.000) ريال، ويحصل الفائز الثاني في نفس الفرع على (72.000) ريال، ويحصل الفائز الثالث على (69.000) ريال، ويحصل الفائز الرابع على (66.000) ريال، ويحصل الفائز الخامس على (63.000) ريال. كذلك سيعقد مع المسابقة باذن الله تعالى ندوة بعنوان: (أثر القرآن الكريم في تحقيق الوسطية ودفع الغلو) وتناقش اربعة محاور من خلال ثلاثة وعشرين بحثا تتناول عددا من الموضوعات ذات العلاقة.