قد لا يعاد انتخاب بوش بسبب حرب العراق وقد يسقط بلير قبل موعده لنفس السبب, وقد لا يجدون في العراق الاسلحة التى يفتشون عنها, وقد يغضب الشعب الامريكي والشعب البريطاني على قائديهما لانهما ضخما من خطر النظام العراقي على امنهما و سلامتهما ويطيح بهما ولا لوم عليهم, حقا.. لم يدفع ابناؤهم ارواحهم ثمنا لسقوط طاغية يبعد عنهم الالاف من الاميال؟ انما بالنسبة لي ولمعظم الشعب العراقي فان نظام صدام حسين شكل خطرا اشد شراسة واوسع دمارا من اي سلاح للدمار جرثوميا او كيماويا او اي نوع من الانواع المعروفة و المحددة سلفا وفق وكالة الطاقة ووفق مواصفات فريق المفتشين الدوليين. وتحديد خطر ذلك النظام ليس فيه ذرة مبالغة, فقد اختبر على مدى سنوات حكمه, وتسبب في مقتل العديد من ابناء شعبه و جيرانه, ان ضحايا هذا النظام بلغ وفقا لتقديرات اكثر من جهة مليونين ومائة الف وبقي محتفظا بمصير عشرات الالاف من الاسرى الايرانيين و المئات من الاسرى الكويتيين غير عابئ بعذابات ذويهم لاكثر من عشرين عاما, فان لم يكن ضحايا الحربين اللتين خاضهما و ضحايا المجازر والمقابر الجماعية داخل ارضه والتي ارتكبها في حق شعبه واستخدم فيها تلك الاسلحة المحظورة وضحايا التهجير الذين تجاوزوا في تعدادهم ربع تعداد مواطنيه و اهلك الزرع والضرع وجفف المياه و احرق الابار و ..و ان لم يكن ذلك دمارا شاملا؟ .. فما الدمار اذا في تعريفكم؟! اي منطق هذا الذي يتحمل ضميره الدفاع عن هذا النظام حتى وان تذرع بحماية بوابات الايدولوجيات و الذود عنها؟ ذات الذريعة التي بسببها حصل ما حصل وارتكب ذلك النظام ما ارتكب دون ان يتحرك ذلك الضمير قيد انملة على كل العطاءات العراقية التي قدمت من اجل تلك البوابات, في حين هب ذلك الضمير رافضا مخطط السيطرة والهيمنة عليه من قبل قوى خارجية مدافعا الان فقط عن الشعب العراقي؟ اي ضمير هذا الذي يتعاطف مع الضحية وفقا لفصيلة دم قاتلها, لا وفقا لدمها المسفوك؟ حتى وان كان للامريكان مخطط غير معلن, حتى وان تصرفوا بغباء في كيفية ادارة الامور بعد نهاية الحرب -وهم يفعلون ذلك- و اعطوا افرادا وضباطا من القوات المسلحة مسئولية الادارة المدنية وهم لا يفقهون شيئا مما يفعلون, فالمستقبل مناط في النهاية بالارادة العراقية هي التي ستحدد طبيعة علاقة العراق مع العالم الخارجي و ستحدد طبيعة العلاقة التي ستحكم بعضهم بعضا, متغلبين على اي مخطط معلن او غير معلن, متغلبين على فوضى ما بعد الحروب, متغلبين على انفسهم و ما خلفه فيها من دمار ذلك النظام البائد. ان كان هناك ايمان راسخ بارادة ذلك الشعب حقا كما تدعون, فاتركوهم يقررون مصيرهم وفقا لتلك الارادة؟ انما السؤال الذي يقفز عليه كل المصفقين لحالة الفوضى التي تجري في العراق الان باسم المقاومة, ويتهربون من الاجابة عليه, وغير مطروح للنقاش بينهم, ماذا لو خرجت قوات التحالف في الاول من اكتوبر الحالي انصياعا لضغوطكم و لضغوط شعوبها وتأثرا بضربات المقاومة, ما الذي سيحدث في الثاني من اكتوبر؟! اعتقد ان الجواب لن يهمكم .. فبعدها الموت سيكون عربيا قحا وهذا لا يعد موتا بالنسبة لكم, فالميت هناك على الاقل كرامته محفوظة لديكم!! و سيبدأ الاستعداد لنقل معارككم لميدان آخر يكون الموت فيه مهجنا (عربي , امريكي) فهذا هو الموت الذي تأباه المروءة!!