قال الدكتور حسين بن محمد شريف هاشم/ الأستاذ المساعد بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بجازان مبيناً صفات الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من خلال الآيات القرآنية من وجوب الدعوة إلى الله بالحكمة أولاً ثم بالموعظة الحسنة التي من شأن من يتقنها ويجيدها أن يؤثر فيمن يدعوهم، ثم تكون الدعوة بالمناظرة والمجادلة والاستماع إلى الرأي الآخر بالحسنى التي هي الأخلاق الفاضلة . وأشار الباحث/ الدكتور حسين في بحثه الذي جاء بعنوان (الحكمة في تذييل آيات الأمر بالمعروف) والذي نشرته مجلة البحوث الإسلامية في العدد الرابع والستين لها / إلى أن الله عز وجل ختم الآية بقوله: (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) ليبين للدعاة بأنه سبحانه وتعالى هو العليم بالمنحرف الضال، وبالصالح المهتد. وفي هذا فائدة جليلة وهي ان يبذل الداعية إلى الله السبب والوسيلة التي استحسنها الشرع، فإن أرت إلى فائدة مرجوة فتلك بغيته، فإن لم تود إلى فائدة تذكر فيكون قد أدى واجبه على صورة مرضية والنتائج على الله، إن شاء عجلها وإن شاء بقدرته أخرها. فهو الحكيم العليم سبحانه وتعالى . الرفق بالدعوة وأكد الباحث إلى ضرورة الشفقة على المؤمنين والرحمة بهم. قال تعالى (وقولوا للناس حسناً) البقرة (83) أي قولوا لهم الطيب وجادلوهم بأحسن ما يحبون . وأضاف موضحاً: بأن الداعي إلى الله مطالب بالرفق واللين بمن يدعوه. وأن يقول له قولاً طيباً رقيقاً ولو كان المدعو فاجراً أو طاغية فالله سبحانه أمر موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام أن يخاطبا فرعون الذي طغى وادعى الربوبية فقال تعالى: ( اذهبا إلى فرعون إنه طغى . فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) طه 43 44 / أي : سهلاً لطيفاً برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف ولا غلظة في المقال،أو فظاظة في الأفعال. لعله بسبب القول اللين يتذكر ما ينفعه فيأتيه أو يخشى ما يضره فيتركه. فإن القول اللين داع إلى ذلك، والقول الغليظ منفر عن صاحبه. وختم الله هذا السياق بقوله : (لعله يتذكر أو يخشى) فإن الآمر المبلغ لدين الله يجب أن يستجيب لمن يدعوه إلى الله. بل ويحرص على ذلك ويدعو الله قبل مباشرته في دعوته وفي أثناء دعوته وبعد ذلك في كل حال وهو يتضرع إلى الله أن يستجيب هذا الإنسان لربه ويؤمن به. وعلق الباحث بأن هذه الدلالات القرآنية أهميتها واضحة في تخلق الداعي إلى الله بالأخلاق الفاضلة من حيث النتائج المفرحة من تقبل الدعوة من قبل المدعوين ومبادرتهم بالإذعان لأمر الله عز وجل . واستدل الباحث على أهمية الرفق بالدعوة بقول الله لنبيه : (فبما رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) آل عمران 159/ . فالناس بحاحة إلى بشاشة وإلى ود يسعهم وحلم لا يضيق بجهلهم وضعفهم ونقصهم بحاجة إلى من يجدون عنده دائماً الاهتمام والرعاية والعطف والسماحة والود والرضا. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس بقلبه الكبير يعطيهم ولا يحتاج إلى عطاء ويحمل همومهم ولا يعينهم بهمه . والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حثنا على حسن الخلق: (ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة ؟ فسكت القوم فأعادها مرتين أو ثلاثاً قال القوم نعم يا رسول الله . قال: (أحسنكم خلقاً) . المحبة المتبادلة وضح الباحث ابن هاشم / وجوب محبة المبلغين لأمر الله إلى عباده بعضهم البعض وقال لابد أن يسود بينهم الإخاء الصادق الذي يكون في الله ومن أجل الله فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف به في النار) صحيح البخاري . طريقة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهذه التربية على المحبة المتبادلة بين الدعاة إلى الإسلام تظهر جلية في عملية المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار. وقد بلغوا بها أعلى درجات الإخاء. ومدحهم الله تعالى لذلك في محكم التنزيل فقال: (والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) الحشر 9 وختم الله تعالى الآية بقوله: (ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) .. مفلحون لأنهم انتصروا على أنفسهم، وآمنوا بربهم، وصدقوا بنبيهم، وآثروا إخوانهم على أنفسهم بأموالهم وديارهم، بل وطابت أنفسهم بما حظي به إخوانهم من المهاجرين من مال الفيء الذي أفاءه الله على رسوله، فكانت النتيجة السعادة والفوز بالحياة الطيبة الآمنة في الدنيا، والفوز برضوان الله في جنات النعيم.