في نظرة فاحصة للمشهد الثقافي تنذرنا بتداعيات تجعلنا ننفض عن عقولنا دثار السنين بأسئلة كبيرة: هل نحن نعاني أمية ثقافية؟ وهل يكفي الموروث الثقافي لمواجهة تحديات الحياة في ظل المرحلة الراهنة؟ فالثقافة هي دعامة اساسية في الشخصية المسلمة (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وليست من جملة الكماليات التي يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها وإلا لما ركز الإسلام في فكره القرآني ليس فقط على التنمية الثقافية في حثه على العلم واستقراء الظواهر الكونية في اتجاه صياغة منظومة فكرية للايمان تتفاعل مع كل المعطيات وليست مجردة أو جامدة. بل اكثر من ذلك هناك دعوة صريحة ومكثفة للتواصل مع ثقافات المجتمعات والحضارات المختلفة بل والاستقاء منها في مزيج خلاق يمكن ان يثري الشخصية المسلمة وفكرها (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) كذلك (قل سيروا في الأرض فانظروا) وسواها من الآيات التي تحث على استقراء التجارب الإنسانية والحضارات المختلفة كدعامة للإيمان عند الانسان في مواجهة الشك والضعف وحتى لا يتزعزع عند أول مخالطة او مكاشفة. وهذا ما حدث في العصور الذهبية عندما كانت الخلافة الاسلامية في بغداد تعطي من يترجم عن كتب الحضارات الفارسية والهندية واليونانية او يدحضها ويفندها تعطيه وزن الكتاب ذهبا فازدهرت الأمة وكان فكرها أكثر قوة وشخصيتها أكثر اتزانا. في تصوري ان ما يعيشه المجتمع العربي من اهتزاز لمجمل شخصيته المسلمة وما استطيع ان اسميه قصورا فكريا هو نتيجة حتمية لغياب الوعي الثقافي، من هذا المنظور فالمطلب الأساس على طريق التحول هو تنمية ثقافية لواقعنا.